Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

ما خطيئة آدم إلا رمز الحرية

كتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

كتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتاب

ما خطيئة آدم إلا رمز للحرية

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ    سورة البقرة إحدى و ثلاثون

تعد قصة آدم عليه السلام من أقدم و أعرق وأكثر القصص الإنساني إذ وردت قصة خطيئة آدم  و حواء في التوراة و القر آن لذلك سنجد هذه القصة عند اليهود و المسيحيين و المسلمين ، و قد أدخلت على هذه القصة من الأكاذيب ما جعلها لدى البعض من الأساطير والخرافات ؛ وهي  كما يقول محمد أركون من «التراث الإنساني المشترك الحي»، خصوصًا بين أصحاب الديانات السماوية

ترتبط قصة سيدنا آدم عليه السلام بالعديد من الجدليات الحاكمة للوجود البشري فهي ترتبط  بجدلية المعرفة والحرية ارتباطها بجدلية التقوى والفجور و جدلية الطاعة والمعصية، إضافة إلى جدلية القيم العليا والغرائز ، و التي ربطت بجدلية الإنسان والشيطان

من خلال قصة آدم عليه السلام بتبيّن أن  الوجود الإنساني يتحدّد على الأرض في ثلاث أوجه و غايات متداخلة و متكاملة و هي  خلافة الإنسان على الأرض  والأمانة التي عجزت عن تحملها السماوات و الأرض و الجبال  والعبادة التي شملت كل أوجه النشاط الإنساني

في النص القرآني خيّر آدم فاختار ، إذ قيل له لا تقرب تلك الشّجرة فاقترب،  و قد اختلف المفسرون في الأمر الإلهي لآدم بعدم الاقتراب من الشجرة هل هو من باب النصيحة أو هو تحجيرا و تحريما .الحادثة واضحة آدم لم يمتثل للأمر الإلهي إذن هو اختار ما أراد ، و ما كان ليختار ما أراد لو لم يكن حرّا

قال تعالى : وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ – البقرة  إحدى و ثلاثون

من خلال هذا الجزء من الآية نتبين أنّ الإنسان اكتسب العقل قبل اكتساب الحرّية ، فالعقل ما سبق الحرّيّة إلاّ ليخدمها؛ فبالعقل يفهم آدم الأمر الإلهي بعدم الاقتراب من الشجرة  ليتخذ بعد ذلك قراره عن وعي و يتحمل بعد ذلك المسؤولية و تبعاة فعله المتمثل في الاقتراب من الشجرة و الأكل منها

 الحرية غاية من غايات خلق الإنسان و لذلك كرّمه الله بالعلم و العقل كواسطة للوصول إلى تلك الغاية التي تتطلب تحمل المسؤولية فللحرية ضوابط و حدود و تتمثل في قصة آدم بالأمر بعدم الاقتراب من الشجرة و بعدم الأكل منها و هكذا نتبيّن أنّ العقل في خدمة الحرّيّة فهو شرط لها و أداة لتحقيقها

في قصة آدم الواردة في القرآن الكريم نحن إزاء ثلاثة مخلوقات الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، و الشيطان وهو  غير قادرًا على الخير فلا خيار له إذ الحرية تتطلب أن يكون المخلوق قادرا على الإثم و على نقيض الإثم و الشيطان ليس قادرا إلا على السلبي، أما الإنسان المخلوق الإلهي الثالث فهو قادر على الخير والشّرّ، لذلك هو وحده الكائن الحرّ

عرّف الإنسان بأنّه كائن عاقل كما عرّف أيضا بأنّه الكائن الحرّ و أخطأ من قال بمقولة الجبر مستشهدا  بقوله تعالى في الآية تسع و عشرون من سورة التكوير : "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ " السؤال الذي نطرحه هنا على القائلين بالجبر ما هي مشيئة الله فينا الواردة في الآية ؟ و الإجابة عن هذا السؤال لن تكون إلا انّ  مشيئة الله فينا ، أنّه سبحانه و تعالى خلقنا و فطرنا أحرارًا

يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا كبشرمن الجنة. ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك حيث النعيم و حيث ما لا عين رات و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر . وهذا التصورغير صحيح و غير منطقي لأن الله تعالى حين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" ولم يقل لهما إني جاعل في الجنّة خليفة

قال تعالى في قصة آدم (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) كلّها حسنها و قبيحها ففي تسمية الأشياء بمسمّيات متعددة و مختلفة بنفس اللّغة أو بلغات و رموز مختلفة حريّة .إن في قدرة الإنسان الخليفة تسمية الأشخاص و الأشياء سواء بأسماء منطوقة في شكل كلمات إن شاء أو عبر الترميز لها برموز هو مظهر من مظاهر حرية الإنسان التي فطره الله عليها

 

×