Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

الأشعرية و حرية الإرادة الإنسانية

الأشعرية و حرية الإرادة الإنسانية

أنقر هناكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

رغم أن باب القدر معلوم بالفطرة وأن نصوص الشرع قد بينته غاية البيان إلا أنه يظل من أعوص أبواب العقيدةالإسلامية ،فمسائله متشعبة و الشبهات المثارة حوله  متنوعة مما جعل الفرق الإسلامية تختلف في الركن السادس من أركان العقيدة الإسلامية أو ما أطلق عليه مسألة حرية الإرادة الإنسانية اختلافا بيِّنا  إذ انقسم المسلمون  في مسألة الإيمان بالقضاء و القدر إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: سلب قدرة العبد واختياره، وهم الجبرية .

القسم الثاني:  نفى القدر، وهم القدرية .

القسم الثالث: توسط فأثبت القدر كما أثبت للعبد قدرة واختيارا، وهم الأشاعرة الذين يطلقون على أنفسهم أهل الحق و أهل السنة والجماعة.

و سنحاول في هذا المقال  تبين حقيقة مقالة الكسب في المذهب الأشعري الذي قيل فيه قديما (أخفي من الكسب الأشعري) كما قيل  بأن المحالات في علم الكلام ثلاثة: نظرية الكسب للأشعري، ونظرية الأحوال لأبي هاشم الجبائي، ونظرية الطفرة للنظّام المعتزلي.الأشعرية نسبة لأبي الحسن الأشعري المنظر الأول لمواقف أهل السنة (ولد 260 هجري و توفي سنة 324 هجري ) و الأشعرية  مدرسة إسلامية سنية اتبع منهاجها في العقيدة عدد كبير من فقهاء أهل السنة والحديث، ومن كبار هؤلاء الأئمة الذين تبنوا العقيدة الأشعرية نذكر على سبيل الذكر لا الحصر البيهقي و النووي و الغزالي و العز بن عبد السلام و السيوطي و ابن عساكر و ابن حجر العسقلاني و القرطبي و السبكي وابن العربي و ابن عاشور والجويني . لقد كان الإمام أبي الحسن الأشعري  في أول أمره معتزلياً فكان منهجه منهج المعتزلة المتمثل في تقديم العقل على النقل ثم أعاد بعد ذلك النظر في معتقدات المعتزلة فأسس مذهبا خاصا به  وهو منهج أهل السنة حسب الأشاعرة أو هو منهج  قريب من أهل السنة حسب معارضيهم من التيار السلفي . بعدما ترك أبو الحسن الأشعري الاعتزال و تبرأ منه أخذ يرد على المعتزلة و يكشف أخطاءهم  ويهتك عوارهم حتى  قال الفقيه أبو بكر الصيرفي:(كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى نشأ الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم). قال أبو الحسن الأشعري في خطبة له : ( أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، و من لم يعرفني فأنا أعرِّفه بنفسي : أنا فلان بن فلان .كنت أقول بخلق القرآن و أن الله تعالى لا يرى بالأبصار . و أن أفعال الشر أنا فاعلها ، و أنا تائب مقلع ، متصد ّ للرد على المعتزلة و مخرج لفضائحهم . ) ابن النديم / الفهرست ص 271 .

لقد استخدم أبو الحسن الأشعري نفس وسائل المعتزلة المنطقية والعقلية لدعم عقيدة أهل السنة والحديث وهكذا استطاع أن يواجه المعتزلة بنفس أدواتهم وأساليبهم و لاقى مذهبه رواجا بين أهل السنة.قال القرطبي مبينا حقيقة المذهب الأشعري: ( ومذهبنا هو الاقتصاد في الاعتقاد ; وهو مذهب بين مذهبي المجبرة والقدرية ; وخير الأمور أوساطها .وذلك أن أهل الحق قالوا : نحن نفرق بين ما اضطررنا إليه وبين ما اخترناه , وهو أنا ندرك تفرقة بين حركة الارتعاش الواقعة في يد الإنسان بغير محاولته وإرادته ولا مقرونة بقدرته , وبين حركة الاختيار إذا حرك يده حركة مماثلة لحركة الارتعاش ; ومن لا يفرق بين الحركتين : حركة الارتعاش وحركة الاختيار , وهما موجودتان في ذاته ومحسوستان في يده بمشاهدته وإدراك حاسته - فهو معتوه في عقله ومختل في حسه , وخارج من حزب العقلاء . وهذا هو الحق المبين , وهو طريق بين طريقي الإفراط والتفريط. و:  كلا طرفي قصد الأمور ذميم و ولا تغل في شيء من الأمر وبهذا الاعتبار اختار أهل النظر من العلماء أن سموا هذه المنزلة بين المنزلتين كسبا , وأخذوا هذه التسمية من كتاب الله العزيز , وهو قوله سبحانه: ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)البقرة : 28و يمكن تعريف نظرية الكسب كما عبّر عنها الغزالي بقوله:( إن إنفراد الله سبحانه باختراع حركات العباد لا يخرجها عن كونها مقدورة للعباد على سبيل الاكتساب، بل الله تعالى خلق القدرة والمقدور جميعاً، وخلق الاختيار والمختار جميعاً. فأما القدرة فوصف للعبد وخلق للرب سبحانه وليست بكسب له. وأما الحركة فخلق للرب تعالى ووصف للعبد وكسب له، فإنها خلقت مقدورة بقدرة هي وصفه، وكانت للحركة نسبة إلى وصفه أخرى تسمى قدرة، فتسمى باعتبار تلك النسبة كسباً، وكيف تكون جبراً محضاً وهو بالضرورة يدرك التفرقة بين الحركة المقدورة والرعدة الضرورية؟ أو كيف يكون خلقاً للعبد وهو ولا يحيط علماً بتفاصيل أجزاء الحركات المكتسبة وأعدادها، وإذا بطل الطرفان لم يبق إلا الاقتصاد في الاعتقاد، وهو أنها مقدورة بقدرة الله تعالى اختراعاً، وبقدرة العبد على وجه آخر من التعلق يعبر عنه بالاكتساب، وليس من ضرورة تعلق القدرة بالمقدور أن يكون بالاختراع فقط، إذ قدرة الله تعالى في الأزل قد كانت متعلقة بالعالم ولم يكن الاختراع حاصلاً بها، وهي عند الاختراع متعلقة به نوعاً آخر من التعلق، فيه يظهر أن تعلق القدرة ليس مخصوصاً بحصول المقدور بها) أبو حامد الغزالي: قواعد العقائد في التوحيد، ضمن رسائل الإمام الغزالي - دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ ـ1994م، ص84ـ85 كما لخص الإمام الفخر الرازي في المحصل، ص287ـ288 معنى الكسب بقوله:( في الكسب قولان: أحدهما أن الله تعالى أجرى عادته بأن العبد إذا صمم العزم على الطاعة فإنه تعالى يخلقها، ومتى صمم العزم على المعصية فإنه يخلقها. وعلى هذا التقدير يكون العبد كالموجد، وإن لم يكن موجداً... وثانيهما أن ذات الفعل وإن حصلت بقدرة الله تعالى ولكن كونها طاعة ومعصية صفات تحصل لها وهي واقعة بقدرة العبد) لكن رغم ذلك فإن الرازي لم ير الاستدلال بالكسب صحيحاً، إذ بعد التحقيق اعتبره اسماً بلا مسمىأراد البغدادي أن يوضح نظرية الكسب  لأحد أصحابه فأتى بمثال لكي يشبه اقتران قدرة الله بقدرة العبد مع نسبة الكسب إلى العبد فقال: ( لو أن هناك حجر كبير، وقد عجز عن حمله رجل، وهناك رجل آخر يستطيع حمل الحجر لوحده، فإذا اجتمعا كليهما على حمل الحجر، كان حصول الحمل بأقواهما، ولا خرج أضعفهما بذلك عن كونه حاملاً.)

و استدل الإمام أبو الحسن الأشعري على رد الأفعال إلى الله وحده بجملة من الآيات القرآنية لدعم فكرته  فقال: « يقال لأهل القدر أليس قول الله تعالى: (بكل شيء عليم) يدل على أنه لا معلوم إلا والله به عالم؟ فإذا قالوا نعم، قيل لهم: ما أنكرتم أن يدل قوله تعالى:  ( على كل شيء قدير) على أنه لا مقدور إلا والله عليه قادر، وأن يدل قوله تعالى : (خالق كل شيء) على أنه لا محدث مفعول إلا والله محدث له فاعله وخالقه) - اللمع، ص88-  وقال أيضاً: (فإن قال: أفليس الله تعالى قال: (أتعبدون ما تنحتون) وعنى الأصنام التي نحتوها، فما أنكرتم أن يكون قوله تعالى: (خلقكم وما تعملون) أراد الأصنام التي عملوها؟ قيل له: خطأ ما ظننته لأن الأصنام منحوتة لهم في الحقيقة فرجع الله تعالى بقوله: (أتعبدون ما تنحتون) إليها، وليست الخشب معمولة لهم في الحقيقة فيرجع بقوله تعالى : (خلقكم وما تعملون) إليها .) -اللمع، ص69- ولما كان القول بأنّ أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه مستلزماً للجبر ، حاول الأشعري أن يعالجه بإضافة ( الكسب) إلى (العبد ) قائلاً بأنّ الله هو الخالق ، والعبد هو الكاسب ، وملاك الطاعة والعصيان ، والثواب والعقاب هو « الكسب » دون الخلق ، فكلّ فعل صادر عن كلّ إنسان مريد ، يشتمل على جهتين« جهة الخلق » و « جهة الكسب » فالخلق والإيجاد منه سبحانه ، والكسب والاكتساب من الإنسان ففرقة الأشاعرة تتحاشى اعتبار الفعل مخلوقاً من قبل العبد فلا خالق عندهم إلا الله سبحانه و تعالى ، وهي تجيز التعبير عن ذلك بالكسب، فهي تعتبر الخلق - الذي يعني الاختراع - خاصاً بالله تعالى وحده، فيكون الفعل منسوباً لله على سبيل الخلق أو الاختراع، ومنسوباً للعبد على سبيل الكسب، تجنباً من الوقوع في الشرك، فكما يقول الغزالي:(  لو قيل إنْ كان للقدرة الحادثة أثر في المقدور فهو شرك خفي، وإنْ لم يكن لها أثر فهو جبر، يقال إنما يكون شركاً إذا كان لها في التخليق أثر، وإنما أثرها في الكسب والله تعالى ليس بكاسب حتى يكون شركاً، ولو لم يكن لها أثر في المقدور لزم أن يكون وجودها كعدمها.. واعلم أن من ظن أن الله تعالى أنزل الكتب وأرسل الرسل وأمر ونهى ووعد وتوعد لغير قادر مختار فهو مختل المزاج) واعتبر الغزالي أن الناس ( لم يفرقوا بين قدرة الخالق القديمة وبين قدرة المخلوق الحادثة، والفرق بينهما أن القدرة القديمة مستقلة بالخلق ولا مدخل لها في الكسب، وأن القدرة الحادثة مستقلة بالكسب ولا مدخل لها في الخلق) روضة الطالبين، ضمن رسائل فرائد اللالي، ص160ـ161

يقول الإمام أبي الحسن الأشعري  في « اللمع » صفحة 76 ، مفرقا بين الحركة الاضطرارية والحركة الاكتسابية : ( لماّ كانت القدرة موجودة في الحركة الثانية وجب أن يكون كسباً ، لأنّ حقيقة الكسب هي أنّ الشيء وقع من المكتسب له بقوة محدثة )  و حاصل هذا القول  أنّ صدور الفعل من الإنسان في ظل قوة محدثة هو الكسب. قال أبو حامد الغزالي  في رسالة التوحيد- ص81 و84: ( إنه لو انكشف الغطاء لعرفت أن الإنسان في عين الاختيار مجبور، فهو إذن مجبور على الاختيار. فمثلاً أن فعل النار في الإحراق جبر محض، وفعل الله تعالى اختيار محض، وفعل الإنسان على منزلة بين المنزلتين، فإنه جبر على الاختيار، وقد طلب أهل الحق لهذا عبارة ثالثة.. فسموه كسباً وليس مناقضاً للجبر ولا للاختيار بل هو جامع بينهما عند من فهمه )

خلاصة القول :أن مضمون نظرية الكسب أن أفعال الإنسان مخلوقة لله خيرا كانت أو شرّا و أن الإنسان يكتسبها و لا يخلقها و يحاسب الإنسان على كسبه الذي عرفه الأشاعرة باقتران قدرة الإنسان و هي قدرة حادثة بالفعل الذي يروم القيام به دون أن يكون لقدرته أثر في إيجاد الفعل و القدرة الحادثة تحصل عند الفعل لا قبله فإذا عزم الإنسان على الفعل و توجه إليه أوجد الله فيه استطاعة تقترن بالفعل الذي عزم عليه  خيرا كان هذا الفعل أو شرا و يخلق الله الفعل الذي أراده الإنسان .رغم أن القول بالكسب كان محاولة من الإمام أبي الحسن الأشعري استهدفت التخفيف من حدة القول بالجبر عند الجهمية، والتوسط في الاعتقاد بين المجبرة و المعتزلة، إلا أنها مع ذلك لم تبرر لنا حرية الاختيار بشيء يذكر. فإذا كانت قدرة الإنسان مقترنة مع الفعل وهي مخلوقة من قبل الله تعالى، وكانت صفة الكسب تابعة لقدرة الإنسان، فأي مجال يسع فيه القول بحرية الاختيار؟ وبالتالي فمآل هذه النظرية إلى الجبرية المحضة، وأن الجهود التي رامت إلى تخليصها من الجبر لم تنفع، يقول ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: ( وأما الجبرية كجهم وأصحابه فعندهم أنه ليس للعبد قدرة البتة، والأشعري يوافقهم في المعنى فيقول: ليس للعبد قدرة مؤثرة، ويثبت شيئاً يسميه قدرة يجعل وجوده كعدمه، وكذلك الكسب الذي يثبته)  وعلى هذا الرأي فإن أبو الحسن الأشعري و من جاء بعده من علماء الأشاعرة لم يذكروا فرقاً معقولاً بين الكسب والفعل، مما يجعل حقيقة القول بالكسب هو قول جهم بأن العبد لا قدرة له ولا فعل.قال أحمد أمين المصري في كتابه ظهر الإسلام: ج 4 ص ـ 95: ( إنّ لون الاعتزال أظهر في الأشعريّة بحكم تتلمذ الأشعري للمعتزلة عهداً طويلاً، واستشهد على ذلك بأنّ الأشعري يقول بوجوب المعرفة عقلاً قبل بعث الأنبياء دون الماتريدي ).إذا كان الإمام الأشعري يثبت للإنسان قدرة غير حقيقية أو هي مجازية لأنها قدرة غير مؤثرة و رماه خصومه لذلك بالجبر فإن الإمام أبو حنيفة يثبت للعبد قدرة على الفعل حقيقية كما يثبت له اختياراً و هذا ما بينه الإمام الغزالي حين قال ( إن أبا حنيفة وأصحابه قال إحداث الاستطاعة في العبد فعل الله واستعمال الاستطاعة المحدثة فعل العبد حقيقة لا مجازاً ) كما يقول أبو الليث السمرقندي: ( إن أبا حنيفة توسط بين القدرية والجبرية إذ جعل الخلق فعل الله وهو إحداث الاستطاعة في العبد، واستعمال الطاعة المحدثة فعل العبد حقيقة لا مجاز )  و لكن حتى هذا القول لأبي حنيفة لم يسلم  من نقاده الذين ذهبوا إلى أنه جبر لا يختلف عن الجبر الذي يؤول إليه الكسب إلا باختلاف العبارة . و هذا ما ذهب إليه الدكتور يحيى هاشم فرغل بعد تحليل آراء أبي حنيفة في مشكلة أفعال العباد إلى أنه لا يقدم تفسيراً يخرج به من الجبر.

لخص بعض المعاصرين  نظرية الكسب و حرية الإرادة الإنسانية عند الأشاعرة بالقول: «إن الإنسان مختار في فعله مجبور في اختياره ». أو أنه مسيّر في صورة مخير.لقد ساهمت مجموعة من كبار المفكرين من تونس و من المغرب العربي ممن توجهوا في بداية حياتهم العلمية إلى المشرق العربي لتلقي دراساتهم الفقهية والعقدية على كبار علماء الأشاعرة هناك، وعند عودتهم إلى بلدانهم  مقتنعين بالمذهب الأشعري نشروه بين الناس وكان  للإمام أبي بكر الباقلاني(ت403هـ) دور الريادة  في انتشار المذهب الأشعري في تونس و المغرب الإسلامي و قد تمثل دوره في شيئين:

الأول : كونه كان إماما مدرسا للفقه المالكي وأصوله، كما كانت له الريادة في علم الكلام الأشعري، ونظرا لأنه كان مالكي الفقه فقد كان المغاربة يقصدونه لأخذ الفقه عليه، وكذا أصوله، فكان يمد تلامذته وكل من يقصده بأفكاره ومعتقداته الأشعرية. وهناك أسماء متعددة لمفكرين من الغرب الإسلامي تتلمذوا عليه منهم من تأثر بأشعريته و نشرها ببلاده عند عودته .

الثاني :أن الباقلاني كان قد نهض بعملية نشر المذهب الأشعري في سائر أقطار العالم الإسلامي، حيث نجده بعث بتلاميذه إلى كل من خراسان والعراق والمغرب لهذا الغرض، وكان من بين من وصل منهم إلى الغرب الإسلامي شخصان نزلا بالقيروان، وهي يومها مدينة تعج بالمفكرين والفقهاء، ويتعلق الأمر بأبي عبد الله الأذري أو الأزدي، وأبي طاهر البغدادي اللذين توفيا بالقيروان.كان لتلاميذ الإمام أبي بكر الباقلاني دور بالغ الأهمية في نشر الأشعرية بتونس و في الغرب الإسلامي . ومن التلاميذ  المفكرين المتبنين للمذهب الأشعري العائدين من المشرق  نذكر أبو الحسن القابسي (ت 403هـ)؛ وأبو عمران الفاسي (ت 430هـ) ابن أبي زيد القيرواني فمن هؤلاء من استقر بتونس أو بغيرها من بلدان الغرب الإسلامي بعد عودته من المشرق و ساهم في نشر المذهب الأشعري و تدعيم دعائم المذهب المالكي بتونس و بالغرب الإسلامي و يمكن الجزم بأن الأشعرية أسهمت رفقة المذهب المالكي والتصوف السني في خلق انسجام مذهبي وعقدي في تونس و في غيرها من بلدان المغرب الإسلامي إذ جنبها كثيرا من القلاقل والفتن التي كانت تقع في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي بسبب الخلافات العقدية و نشير هنا إلى تبني الدولة الموحدية المذهب الأشعري مذهبا رسميا للدولة كما سعت إلى محاربة الاتجاه السلفي العقدي، وترسيم المذهب الأشعري كمذهب رسمي للدولةزر المالكية المذهب الأشعري وانتموا إليه، فكان هو مذهبهم العقدي إلى جانب فقه مالك وتصوف الجنيد، وهكذا ارتبط العقدي بالفقهي والصوفي في تفكير التونسيين و جل المغاربة .و قد عبر عبد الواحد بن عاشر (ت 1040هـ) عن هذا المعنى في منظومته المرشد المعين بقوله:
في عقد الأشعري وفقه مالك *** وفي طريقة الجنيد السالك  

لقد كان الإمام مالك يؤمن بالقدر خيره وشره ويؤمن بأن الإنسان حر مختار وهو مسؤول عما يفعل إن خيراً وإن شراً ويكتفي بذلك من غير أن يتعرض لكون أفعال الإنسان مخلوقة له بقدرة أودعها الله أو غير مقدورة له.

أنقر هناالأشعرية و حرية الإرادة الإنسانية اضغط على الرابط للطبعالأشعرية و حرية الإرادة الإنسانية اضغط على الرابط للطبع

 

×