Créer un site internet

Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

أتدرب على تحرير مقال في التفكير الإسلامي

أنقر هناكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

نماذج لمواضيع سؤال تحرير مقال مرفقة بالإصلاح  موزعة على مختلف محاور البرنامج

النموذج  1 :

المعطى : تحقيق العدل من روح و جوهر مقاصد الشريعة الإسلامية التي اعتبرت جلب المصالح و درء المفاسد من مقاصد التشريع، و هذا عامل مهم في تجسيم و إقامة مجتمع العدل و الرحمة والحقوق    

المطلوب:أوضح هذا القول في تحليل مسترسل مبينا أهمية اعتماد مآلات الأحكام في التشريع الإسلامي لإقامة مجتمع العدل و الحق و الرحمة و الوسطية؟

تفكيك المعطى :

أوضح هذا القول في تحليل مسترسل:

تحقيق العدل من روح و جوهر مقاصد الشريعة الإسلامية

جلب المصالح و درء المفاسد من مقاصد التشريع، و هي عامل مهم في تجسيم و إقامة مجتمع العدل و الرحمة و الحقوق                               

أهمية اعتماد مآلات الأحكام في التشريع الإسلامي لإقامة مجتمع العدل و الحق و الرحمة و الوسطية

التحليل :

المقدمة : عرف ابن عاشور مقاصد الشريعة بقوله: ( هي المعاني والحِكَم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها ) أما  الدريني فقد عرف مقاصد الشريعة بأنها هي: ( القيم العليا التي تكمن وراء الصيغ والنصوص، ويستهدفها التشريع كليات وجزئيات ) إن تحقيق العدل و الحق و الرحمة و الوسطية هو جوهر و روح الشريعة الإسلامية  التي قامت على جلب المصالح  و درء المفاسد  مما يفرض على الفقيه  النظر  لمآلات الأحكام في التشريع الإسلامي عند كل اجتهاد أو عند  تطبيق الشريعة في الواقع المعيش. و في هذا المقال سنحاول الإجابة كيف أن تحقيق العدل هو  جوهر مقاصد التشريع الإسلامي ؟ و كيف أن نظر الفقيه إلى مآلات الأحكام المتمثلة في جلب المصالح و درء المفاسد عامل مهم لتحقيق مجتمع العدل و الحق  و الرحمة و الوسطية ؟

الجوهر :

تحقيق العدل من روح و جوهر مقاصد الشريعة الإسلامية

العدل ما قام في النفوس أنه مستقيم، وهو ضد الجور  و في الشرع عرف الجرجاني العدل في كتابه  (التعريفات): ( هو عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط ) و عرف الظلم الذي هو نقيض العدل بأنه جعل الشيء في غير مكانه.

لقد أمرت الكثير من آيات القرآن الكريم بالعدل و القسط  في كل الحالات  فالعدل يكون مع القريب و البعيد  مع المؤمن و غير المؤمن كما  أن المسلم مطالب بمراعاة العدل زمن الحرب كزمن السلم .و هذه بعض الآيات التي تأمر بالعدل و القسط و الإحسان لكل الناس دون نظر إلى لونهم أو لغتهم أو مكانتهم الاجتماعية أو دينهم أو جنسهم قال تعالى في سورة الشورى الآية 15  ( وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم)  و قال جل من قائل في سورة النحل الآية 50  (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) و قال سبحانه و تعالى أيضا في سورة الحديد:25 الاية -  ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ كما جاء في سورة يونس:الآية 47-  ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ -

قال الإمام الغزالي " إن الدين بالملك، والملك بالجند، والجند بالمال، والمال بعمارة البلاد، وعمارة البلاد بالعدل بين العباد" إن الشريعة الإسلامية الغراء قد أقرَّتالمقاصد الشرعية الإسلامية لتحقيق الإصلاح الاجتماعي القائم على إنصاف الإنسانوإعطائه كامل حقوقه في ظلِّ العدل والمساواةإن مصطلح المقاصد عند الأصوليين مُوازلمصطلح المصالح، وما فيه مقصد للشريعة فيه مصلحة للبشر يقول ابن قيم الجوزية " إن اللّٰه سبحانه وتعالى أرسل رسله، وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذي قامت به الأرض والسماوات ، فإذا ظهرت إمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان ، فثم شرع اللّٰه ودينه"

جلب المصالح و درء المفاسد من مقاصد التشريع، و هي عامل مهم في تجسيم و إقامة مجتمع العدل و الرحمة و الحقوق                               

تحصيل المصالح ودفع المفاسد هو كما يقول الإمام الشاطبي رحمه الله:أصل أصول الشريعة إذ إن الشريعة إنما جاءت لتحصيل مصالح العباد الدينية والدنيوية ودفع المفاسد عنهم وقد ثبت هذا المعني يقينًا من مقاصد الشارع الحكيم في تنزيله وتضافرت عليه الأدلة العقلية والنقلية.

المصلحة: هي المحافظة على مقصود الشارع, كما عرفها حجة الإسلام الإمام الغزالي في المستصفى, ثم حدد أن مقصود الشارع من الخلق المحافظة على خمس ضرورات: "الدين, والنفس, والعقل, والنسل, والمال" ثم ذكر أن كل ما يفوت هذه الأصول الخمسة, أو أحدها فهو مفسدة، وأن دفع هذه المفسدة مصلحة.

وهذه المزاحمة بين المصلحة والمفسدة، تارة تقع في الشؤون الشخصية من قبيل وقوع المريض بين مصلحة إجراء العملية الجراحية للخلاص من المرض وبين تحمّل نفقات هذه العملية الباهضة، فإلحاح الضرورتين عليه يستدعي تشخيص موقفه بين الإقدام على العملية تحصيلاً لمنافع السلامة، أو الإحجام عنها تحصيلاً لمنافع المال. هذا في الشؤون الشخصية،

وتارة في شؤون إدارة الدولة من قبيل تزاحم المصالح عند السلطة الحاكمة بين توسعة المدن وتعبيد الشوارع العريضة التي تعطي للمدينة جمالاً في العمران وتسهل حركة المواطنين الذي يستوجب نقل الأسواق والمنازل السكنية إلى خارج مركز المدن وبين تسهيل حياة الناس في منازلهم وأسواقهم وإبقاءها مكتظة في المركز وهكذا.
وإننا نرى أن هذا الموضوع ساري المفعول في عموم حياة البشر ولا ينحصر في مجال دون مجال مما يستدعي منا تحديد الأولويات والمعايير التي نتبعها لاتخاذ الموقف الصحيح عند وقوع المزاحمة بين المصالح والمفاسد من وجهة نظر الشارع المقدس بحيث نشخّص تكليفنا الشرعي في هذه المهمات الصعبة والخطيرة.

أهمية اعتماد مآلات الأحكام في التشريع الإسلامي لإقامة مجتمع العدل و الحق و الرحمة و الوسطية

اعتبار المآل عند التشريع، والمقصود بذلك هو أن يعتد واضع التشريع بما يؤدي إليه وضعه من تحقيق المصالح أو المفاسد. فلا يقر إلا التشريع الذي يحقق المصلحة ويمنع وقوع المفسدة، والعبرة في ذلك بما يغلب على الظن، لأن طريق الحكم -في الشريعة كلها- هو بغلبة الظن إذ التكليف باليقين محال أو قريب من المحال.
ولمبدأ اعتبار المآلات في التشريع شواهد عديدة من القرآن والسنة وفقه الصحابة ومذاهب الأئمة. و من هنا نتبين أن النظر في المآلات واعتبارها, أصل من أصول الفقه جارٍٍ على مقاصد الشريعة.

شواهد من القرآن و السنة  على اعتبار المآلات :

فالقرآن الكريم ينهى عن سب آلهة المشركين لئلا يؤول الأمر إلى سب المشركين لرب العالمين (ولا تسبُّوا الذين يدعون من دون الله فيسبُّوا الله عدوا بغير علم) -الأنعام: 108- وهذا النهي جاء نتيجة موازنة بين مصلحة نصرة الحق وإهانة الباطل، من ناحية، وبين مفسدة سب الله تبارك وتعالى، من ناحية أخرى، فقدم التشريع القرآني رفع المفسدة العظيمة على تحقيق المصلحة الأقل منها شأنا.
وأمر الله العبد الصالح بخرق السفينة ليمنع استيلاء الملك الظالم عليها: (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) (الكهف: 79) فلاحظ التشريع القرآني أن الضرر اليسير الحالَّ يحتمل لمنع الضرر العظيم في المآل. وتَنبَّهْ إلى قول العبد الصالح: "وما فعلته عن أمري" وهو يبيِّن لموسى سبب أفعاله التي سأله عنها.

ونهى القرآن الكريم عن فضول السؤال في زمن الوحي منعا للحرج عن السائل وغيره (يأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبدَ لكم تسْؤكم وإن تسألوا عنها حين يُنَّزلُ القرآن تُبْدَ لكم، عفا الله عنها والله غفور حليم) (المائدة: 101). فالنهي عن السؤال سببه ألا يؤول الأمر بالسائل إلى إساءته بإيقاعه في الحرج، أو يؤول إلى التحريج على الأمة كلها كما في الحديث المتفق عليه عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرّم على المسلمين فحرِّم عليهم، من أجل مسألته".
وفي السنة الصحيحة شواهد كثيرة لاعتبار المآلات. فقد قال عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن أبيّ عندما قال: "والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذلَّ"، دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "دعه، لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه , فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عقاب عبد الله بن أبيَّ لئلا يقول الناس إنه يقتل أصحابه.
وتحمل بذلك المفسدة الأصغر لدرء المفسدة الأكبر. والمفسدة التي تحملها الرسول صلى الله عليه وسلم ومجتمع المسلمين معه كانت حالَّة، والمفسدة التي درأها كانت آجلة متوقعة.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب والديْ الغير كيلا يؤدي ذلك إلى سب والديه هو، فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل يا رسول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسبُّ الرجلُ أبا الرجل فيسبُّ أباه، ويسبُّ أمَّه فيسبُّ أمَّه"والأمثلة على ذلك كثيرة منها حرمان القاتل من الميراث، وترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم لئلا يتلاعب الناس ببيت الله

ومن الأدلة التي استنبط منها العلماء قاعدة الموازنة بين المصالح: قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) فقدم القرآن الكريم مصلحة الإنفاق على العيال في حال عدم وفرة المال، على مصلحة الإنفاق على الفقير.

قال صلى الله عليه و سلم  لعائشة رضي الله عنها: ( لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه )

من الآيات الدالة على الموازنة بين المصالح والمفاسد:

قوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا). ففي قوله تعالى: (وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) دلالة واضحة على الموازنة بين المصالح والمفاسد.                                                                                 

 قال تعالى:(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)
وفي هذه القصة دليل على جواز قصد إحداث مفسدة مّا، لدفع أخرى راجحة، ولا يُعد ذلك من باب الخيانة للأمانة                                                أو للأمة.                                                                                                               

يقول أحد العلماء: "ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشرِّ، وإنما العاقل الذي يعلم خيرَ الخيرَيْن وشرَّ الشرَّيْن..

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"مررت أنا وبعض أصحابى في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر فأنكر عليهم من كان معي فأنكرت عليه وقلت له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم هنا يعلمنا الإمام ابن تيمية رحمه الله مراعاة مآلات الأفعال فإن كانت تؤدي إلى مطلوب فهي مطلوبة وإن كانت لا تؤدي إلا إلى شر فهي منهي عنها ويعلمنا أيضًا رحمه الله أن الغاية من إنكار المنكر هي حدوث المعروف، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه فإنه لا يسوغ إنكاره. ويقرر الإمام الشاطبي رحمه الله نفس الأصل فيقول: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة... وهو مجال للمجتهد صعب المورد إلا أنه حلو المذاق، محمود الغب (العاقبة)، جار على مقاصد الشريعة

كما يقول ابن تيمية رحمه الله في موضع آخر بعد أن يقرر أنه ليس كل حق ينشر، يقول: "فتنبه لهذا المعنى وضابطه أنك تعرض مسألتك على الشريعة فإن صحت في ميزانها فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمان وأهله، فإن لم يؤد ذكرها إلى مفسدة فاعرضها في ذهنك على العقول، فإن قبلتها فلك أن تتكلم فيها إما على العموم إن كانت مما تقبلها العقول على العموم، وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم, وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ فالسكوت عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعية, والعقلية ومن يتأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار يرى أنها من إضاعة هذا الأصل ويـرى مدى الحاجة إلى تلك القواعد الشرعية لتخليص الفكر والواقع الإسلامي من النزعة الشكلية التي أعجزته عن مواجهة الواقع مواجهة فعالة.

الطرافة : إن العمل بجوهر و روح المقاصد يساهم  في تطوير البناء الفكري للمنظومة التشريعية الإسلامية على نحو  يجعل من التشريع  الإسلامي عامل تنشيط للحركة الحضارية  و تقدم المجتمع الإنساني، إن العمل بجوهر و روح المقاصد يساهم في تجنيب المسلم عوارض الصدام بين النص والواقع و بذلك يتحقق التوازن المطلوب بين موجبات الولاء لتعاليم الدين الإسلامي من ناحية، والاستجابة لمقتضيات التواصل الواعي مع متغيرات الزمان والمكان من ناحية ثانية.

إن العمل بالمقاصد  و بفقه المآلات يحرر العقل الفقهي من أسر الأطر المغلقة للثقافة التقليدية كما يرفع من قيمة أدائه بمده بالآلات المنهجية والمعرفية التي تمكنه من امتلاك القدرة على مسايرة التحولات المعرفية و الاجتماعية و الاقتصادية و التكنوكلوجية  المتسارعة والانخراط الإيجابي  في مسار الحركة الحضارية التي لا تعرف التوقف و ترفض الجمود والقعود و التحجر.

الخاتمة :

و خلاصة القول أن البحث في المقاصد الشرعية  ضرورة علمية وعملية للخروج من التخلف من التنازع و من كثرة الخلاف  كما أن التشريع الإسلامي بني على  الموازنة بين المصالح و المفاسد واعتبار مآلات الأفعال و الغاية من كل ذلك إقامة مجتمع العدل و الرحمة و الحقوق .

تمر المجتمعات العربية الإسلامية  المعاصرة بفترة حرجة  من تاريخها إذ الكل يسعى لإحياء  القيم الإسلامية   و تطبيق تعاليم الشريعة الإلهية  و لكن ما  شاهدناه في بعض البلدان الإسلامية  تجارب انحرفت عن مبادئ  و قيم  الإسلام   بسبب عدم تحكيم مقاصد الشريعة الإسلامية  عند الاجتهاد و الفتوى  و التطبيق و هذا يدفعنا إلى طرح  أسئلة لعنا نجيب عنها في مقال قادم  و لعل من أهم هذه الأسئلة التي يمكن أن تكون امتدادا لموضوعنا هي ما مخاطر عدم العمل بمقاصد الشريعة الإسلامية على حركة التشريع في المجتمعات الإسلامية ؟ هل يمكن أن نفسر الفوضى و العنف التي تسود  بعض المجتمعات العربية الإسلامية  اليوم بعدم العمل بمقاصد الشريعة و بالمصلحة و بفقه المآلات ؟

النموذج 2:

المعطىقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما :  كتاب الله  و سنة نبيِّه ) رواه الإمام مالك في الموطأ كتاب الجامع -                                                                

المطلوب :  أوضح هذا الحديث في تحليل مسترسل مبينا حاجة المسلمين إلى السنة النبوية حاجتهم إلى القرآن الكريم مبينا مكانة كل منهما في التشريع الإسلامي 

التحليل :

المقدمة :

إنّ الفقه الإسلامي يستمد مادته من المصدرين الاَساسيين الكتاب والسنّة فهما مصادر التشريع والمنابع التي يستنبط منها الفقه و هذا بصريح قوله صلى الله عليه و سلم ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما :  كتاب الله  و سنة نبيِّه ) و لكن هناك طائفة من المسلمين من القدامى و المحدثين تدع  إلى إتباع القرآن وحده  لأنه المصدر الوحيد للشريعة الإسلامية ـ حسب زعمهم ـ‌، محتجين بقول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ الآية 51 العنكبوت - و أن القرآن لم يفرِّط في شيء يحتاج إليه المسلمون، و أنه نزل تبيانا لكل شيء، لأنه سنة الله الذي كان خاتم النبيين محمد صلى الله عليه و آله  مأموراً بإتباعه وحده . و في هذا المقال سنحاول بعون الله و توفيقه الرد على هذا القول بالإجابة عن سؤال كيف أن  حاجة المسلمين إلى السنة النبوية هي بقدر حاجتهم إلى القرآن الكريم ؟ مبينين في نفس الوقت مكانة كل من القرآن و السنة في التشريع الإسلامي .

الجوهر :

القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي وهو( كلام الله -عز وجل- المنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم- بلسان عربي مبين، المنقول إلينا بالتواتر، والمتعبد بتلاوته، والمكتوب في المصحف، والمعجز في لفظه ومعناه، والمبدوء بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة الناس)، اتفق العلماء والفقهاء على أن القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع و أنه حجة يجب العمل به فعلى الفقية أن يقتبس منه الأحكام لما ينزل من وقائع ويجد من أحداث . القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي فهو رباني بكل ما تحتمله هذه اللفظة من معان، لا دخل لبشر فيه أبدا، لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى كما يختص بالشمول وهو الإحاطة فالقرآن شامل لجميع ما يحتاج إليه الإنسان في دنياه وأخراه و القرآن الكريم هومعجزة محمد صلى الله عليه و سلم التي تحدى بها العرب و هم أهل الفصاحة و البلاغة بأن يأتوا بسورة من مثله  . ان ما عدا القرآن الكريم من إن مصادر التشريع الإسلامي كلها و دون استثناء ترجع إلى القرآن المصدر الأول للتشريع فلولا شهادة القرآن لبقية المصادر واعتبارها أدلة للتشريع ومصادر للأحكام الفقهيه لما تمتعت بهذه الميزة أو نالت تلك الخاصية. و القرآن الكريم  أمرنا باتباع  الرسول صلى الله عليه و سلم  فكانت سنته عليه السلام المصدر الثاني بعد القرآن  التي لا يمكن الاستغناء عنها لإقامة شعائر الإسلام و تعاليمه .فما علاقة السنة النبوية  على صاحبها أفضل الصلاة و السلام  بالقرآن  ؟

السنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم فرتبتها تلي رتبة القرآن لأن مرتبة البيان تأتي بعد مرتبة المبين ولأن القرآن الكريم ثابت بالتواتر القطعي الذي لا ريب فيه أما السنة فبعضها ثبت عن طريق الآحاد وقد بين الله تعالي علاقة السنة بالقرآن في قوله ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) وللسنة كمصدر تشريعي أربعة أوجه  فهي مبينة لنصوص القرآن الكريم  وشارحه لمجمله وعامه ومطلقه، و هي  مؤكدة لما جاء في القرآن  الكريم دون زيادة عليه أو إنقاص منه، ونجدها أحيانا تأتي بأحكام جديدة لم يتعرض لها القرآن الكريم أبدا و هذا ما سنبينه الآن في تحليلنا  .
فمن تفسير السنة المجمل قول الرسول  - صلى الله عليه وسلم (  صلوا كما رأيتموني أصلي )  فإن فيه بيانا لقوله تعالى:  (  وأقيموا الصلاة  ) ، فإنه مجمل. فالقرآن الكريم لم يبين لنا عدد الصلوات في كل يوم أو عدد الركعات في كل صلاة أو مقدار الزكاة وكذلك الحج والصيام والحدود والبيع والرضاع وتكفلت السنة ببيان ذلك كله وجاء في الأحاديث " صلوا كما رأيتموني أصلي " وحديث خذوا عني مناسككم "

ومن بيان المشترك تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم -  القرء بالحيض في أحاديث أثبتها الحنفية ولم يسلم الشافعية بثبوتها، ومن تخصيص العام قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :  ( لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها )  فإنه مخصص لعام قوله تعالى:  ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) النساء:24  كما أن السنة بينت ما أشكل فهمه من المسلمين كالحديث النبوي الشريف الذي بين المراد من الخيطين " الأبيض والأسود " حيث فهم بعض الصحابة أن المراد الحبل الأبيض والأسود فبين النبي المراد أنه سواد الليل وبياض النهار " و من بيان الرسول صلى الله عليه و سلم مراد الله تعالي من النص تفسيره صلى الله عليه و سلم  مراد الله تعالي من الظلم في قوله تعالي: ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) (82) الأنعام  فقد فهم الصحابة من الآية أن المراد من الظلم عموم الظلم فيشمل الذنوب كلها صغيرها وكبيرها وأن من يقع في معصية كبيرة كانت أو صغيرة فليس بمهتد ولا آمن فشق ذلك عليهم كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية شقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس هو كما تظنون ، إنما هو كما قال لقمان : ( يابنى لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) وكأن المراد بذلك الظلم في الآية إنما هو الشرك . وأما ظلم الإنسان لنفسه ولغيره فقد بين النبي صلي الله عليه وسلم جزاؤه ولذلك لما نزل قول الله تعالي " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " سأل أبو بكر رضي الله تعالي عنه رسول الله فقال يا رسول الله : أينا لم يعمل سوءا فقال : يا أبا بكر ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟ أليس يصيبك اللأواء ؟ فذلك مما تجزون به .

ومن تقيد المطلق قطعه - صلى الله عليه وسلم -  يد السارق اليمنى من الرسغ، فإنه مقيد لقوله تعالى:  ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) المائدة:38فالمطلق هو مادال علي لفظ مطلق غير مقيد بقيد مثال : مصري هذا لفظ مطلق فإن قلت مسلم فهو مقيد وهكذا فلآية أمرت بقطع اليد علي الإطلاق ولم تحدد مكان القطع مكان القطع فجاءت السنة لتحدد مكان القطع أنه من الكوع ـ لا ـ من المرفق وأنه في اليد اليمني فقط وكذلك تقييد الوصية في كونها في الثلث فقط لقوله " ص " الثلث والثلث كثير أو كبير كما في قوله تعالي " كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ "

جاءت السنة في  هنا ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) المائدة:38لتبين قدر المسروق والمعني أنها خصصت العام فليس كل سارق تقطع يده بل من سرق نصابا قيمته ربع دينار فصاعدا وأن يكون المسروق من حرز مثله وأن لا يكون السارق مضطرا ليحفظ نفسه من الهلاك وهذا ما يسمي بتخصيص العام ومثال آخر كتخصيص عموم الورثة في القرآن لغير القاتل لقوله صلى الله عليه و سلم (  لا يرث القاتل  )
و السنة أيضا مؤكدة لما جاء في القرآن الكريم، فتكون بذلك دليلا ثانيا للحكم بعد القرآن الكريم، ومن هذا القبيل قوله - صلى الله عليه وسلم(  لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)فإنه تأكيدا لقوله تعالى: ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )البقرة:188

و قد تثبت السنة  تثبت حكما زائدا على القرآن الكريم سكت عنه، ولم يتعرض له ولم ينص عليه، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -  للمدعي ( شاهداك أو يمينه )، ومنه قضاؤه  - صلى الله عليه وسلم -  بالشاهد واليمين  و من النصوص نبوية مثبتة لأحكام سكت عنها القرآن الكريمالجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها في نكاح واحد وهذا الأمر استقلت به السنة وليس له ذكر في القرآن الكريم فإن القرآن الكريم حرم بسبب المصاهرة أم الزوجة إن عقد علي ابنتها وبنت الزوجة إن دخل بأمها وزوجة الابن الصلبي والجمع بين الأختين في نكاح واحد . ثم ألحقت السنة بذلك كله الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها في نكاح واحد فعن جابر رضي الله عنه قال نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم أن تنكح المرأة علي عمتها أو خالتها " قال الإمام النووي هذا دليل لمذاهب العلماء كافة تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها سواء كانت عمة أو خالة حقيقية مثل الأخوات لأب أو لأم أو مجازية مثل أخت أبي الأب وأبي الجد وإن علا يعني الجمع بين البنت وعمتها أو حتي عمة أبوها وهذه تسمي عمة مجازية أو أخت أم الأم والمعني أنه لا يجوز الجمع بين البنت وخالتها أو خالة أمها فكلهن بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهما كما حرمت السنة بسبب الرضاع كل ما حرم بسبب النسب فلم يحرم القرآن الكريم بسبب الرضاع إلا الأم المرضعة والأخوات من الرضاع غير أن القرآن الكريم حرم بسبب النسب سبع وهن الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت قال تعالي " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " فألحقت السنة المطهرة بالأم المرضعة والأخت من الرضاع كل ما حرم بسبب النسب ففي الحديث عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها أخبرته أن عمها من الرضاع يسمي أفلح استأذن عليها فحجبته فأخبرت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لها ( لا تحتجبي منه فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )

كتحريم الصلاة والصوم علي الحائض وقضاء الصوم فقط عليهن كما في حديث عائشة رضي الله عنه ( قد كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نطهر فيأمرنا بقضاء الصوم ولا يأمرنا بقضاء الصلاة )

وتحريم لحوم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطيور ففي الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم:  ( نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية )

وكتحريم أواني الذهب والفضة علي الرجال والنساء كما هو في صحيح مسلم قول النبي صلي الله عليه وسلم الذى يشرب فى آنية الفضة انما يجرجر فى بطنه نار جهنم

وكلعن الواشمة والمستوشمة وهذا النوع لا يعارض القرآن بوجه من الوجوه ولذلك قال الله تعالي " من يطع الرسول فقد أطاع الله " في الصحيح من حديث ابن عمر عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن الله الواشمة والمستوشمة والواصلة والمستوصلة .

كما أن السنة قد  تنسخ حكما جاء به القرآن، وهذه نقطة خالف فيها الشافعية جمهور الفقهاء، حيث لم يجيزوا نسخ القرآن الكريم بالسنة كما تقدمت الإشارة إليه، ولكن يقولون إن السنة الشريفة في هذه المواضع معرفة لدليل النسخ لا ناسخة، فإن نسخ  القرآن الكريم لا يكون إلا بالقرآن، والأمر مبسوط في كتب الأصول. ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة وحجتهم أن الجميع وحي من الله تعالى، فالناسخ والمنسوخ من عند الله، والله هو الناسخ حقيقة، لكنه أظهر النسخ على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم ومثل الجمهور للوقوع بأن آية التحريم بعشر رضعات نُسخت بالسنة لحديث عائشة قالت: كان فيما أنزل الله عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن والنسخ ورد في حديث سهلة "أرضعيه خمس رضعات يحرم بهن".وذلك في آية الرضاع " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم " وقد كر أهل التفسير أن هناك آية العشر رضعات ذكرها الله في القرآن ثم نسخت حكما وتلاوة والله أعلم.ومن أمثلة نسخ  القرآن الكريم بالسنة على مذهب الجمهور قول النبي: - صلى الله عليه وسلم  ( لا وصية لوارث )  فإنه ناسخ لقوله تعالى(  كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة:180و نؤكد هنا على أن  الإمام الشافعي وأحمد قالا بعدم  يجوز نسخ القرآن بالسنة، بل لا ينسخ القرآن إلا قرآن مثله، وهذا اختيار ابن قدامة وابن تيمية ، وحجة الإمام الشافعي أن السنة لا تنسخ القرآن قوله تعالى: ( قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ) يونس: 15، وقوله تعالى: ( يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد: 39.

الطرافة : ظهرت في عصرنا  فرقة أهل القرآن، أو القرآنيون الجُدد  تدع إلى الاكتفاء بالقرآن كمصدر للتشريع و لا ترى في السنة النبوية المصدر الثانى للتشريع الإسلامي و هنا أسئلة تطرح كيف  تؤدى مناسك الحج و كيف تؤدى الزكاة و كيف نعرف نصاب الزكاة كل  هذا و غيره كثير بينته السنة النبوية ولكن الجدير بالتذكير هنا  التميز بين المرجعيات الثلاث لتصرفات الرسول صلى الله عليه و سلم و هي التبليغ أو الإمامة أو القضاء كما ينبغى التمييز بين  تعريف الفقهاء و المحدثين للسنة و تعريف علماء أصول الفقه لها فالكثير من العامة لا يميزون بين هذه الاختلافات في مفهوم مصطلح السنة فيقعون في الخطأ عند الاستشهاد بقوله صلى الله عليه و سلم ( من رغب عن سنتي فليس مني )

الخاتمة : و من خلال هذا التحليل نتبين أن القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي و هو أصل و مرجع كل بقية المصادر التشريعية و الله في كتابه العزيز  أمر بصريح الآية باتباع الرسول صلى الله عليه و سلم فقال عز و جل : وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )النجم : 3 – 4 فالوحي كما يقول العلماء وحيان وحي متلو وهو القرآن و وحي مروي وهو السنة النبوية  يمثلان  مصدرين أساسيان للتشريع الإسلامي و منهما  وقع استنباط بقية مناهج التشريع الإسلامي و هذا يجعلنا نطرح في ختام مقالنا أسئلة لعلها تكون موضوع المقال القادم إن شاء الله عز و جز  ما  الفرق  بين المناهج و المصادر ؟ و ما طبيعة العلاقة بينهما ؟و كيف ساهمت مناهج التشريع في إثراء حركة الاجتهاد و في إيجاد حلول للقضايا المستجدة ؟

النموذج 3:

قال تعالى في صفة المتّقين:(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ و يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون ) البقرة 3      

 أوضح في تحليل مسترسل أهم آثار الإيمان بالغيب على نفس المسلم و سلوكه و علاقاته الاجتماعية.؟

المعطى :

 قال تعالى في صفة المتّقين:(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ و يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون ) البقرة 3      

المطلوب :

آثار الإيمان بالغيب على نفس المسلم

آثار الإيمان بالغيب في سلوك المسلم

آثار الإيمان بالغيب على  العلاقات الاجتماعية

التحليل :

المقدمة : إن للمؤمن سمات بارزة من أهمها الإيمان بالغيب الذي له تأثير بالغ على نفسية المؤمن و سلوكه و علاقاته بمحيطه العائلي و الاجتماعي و الإنساني ، فالغيب كما قال سيد قطب: " هو العقبة التي تُجتاز فيجتاز الإنسان بها مرتبة الحيوان الذي لا يدرك إلا ما تدرك حواسه، إلى مرتبة الإنسان الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز الصغير المحدد الذي تدركه الحواس " . فما آثار الإيمان بالغيب على نفس المسلم و سلوكه و علاقاته الاجتماعية ؟

من أهم آثار الإيمان بالغيب على نفس المسلم:

لقد وردت كلمة الغيب في القرآن الكريم أكثر من 50 مرة وكل الآيات التي تحدثت عن الغيب جعلته مقصورا علي الله عز وجل ، فالمقصود بالغيب هو حقيقة الله عز وجل لأننا نعلم صفات الله تعالي لكننا لا نعلم ذاته ، كما أننا نعلم من الغيب بعلم الله أن هناك أنبياء ورسل وجنة ونار وحساب.

فمن آثار الإيمان بالغيب  شعور المؤمن  برقابة الله تعالى عليه، وأنه مطلع على جميع حركاته وسكناته، فيبعثه ذلك على الخشية منه كما يبعثه على الاستقامة على أمر الله تعالى بتنفيذ الأوامر واجتناب النواهيو الإيمان بالغيب يشعر المؤمن  بالطمأنينة والأنس، فيكون ذلك دافعاً إلى الصبر قال نبينا  صلى الله عليه و سلم   ( عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابه سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابه ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم وعدم اليأس فالإيمان بالغيب هو مصدر لسعادة المؤمن و تهذيب نفسه والإيمان بالغيب هو الموجه للعقول المؤمنة نحو التقدم المعرفي والرقي الحضاري من خلال استحضار مبدأ الرقابة وواجب الاستخلاف وما يترتب عنهما من عمارة الكون وإتقان العمل تحقيقا للمعاني الصحيحة للعبودية الحقة.  قال الله تعالى :(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )الرعد:28-  فالمؤمن مطمئن، فإن جاءه الخير فهو مطمئن، وإن جاءه الشر فهو مطمئن، ومهما وقع له فهو مطمئن، فإن ظلم فإيمانه بالله وباليوم الآخر يجعله يطمئن، ويصبر احتساباً، فهو يعلم أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سوف ينتقم له ممن ظلمه، وليس بقدرته الذاتية فالله جل جلاله يمهل و لا يهمل ، وإن منع حقاً له فهنالك أيضاً اليوم الآخر الذي توفى فيه كل نفس ما كسبت و في ذاك اليوم يؤخذ للمظلوم حقه من الظالم كما أن  الإيمان بالغيب يكسب الموحد سعة النظر أمّا غير الموحّد فيرى كل شيء محدوداً. قال الله تعالى : (  لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) سورة البقرة الآية 177المؤمن بالغيب متسامح سمح لا يحقد و لا يحسد و لا يحمل غلا  على أحد .إن الإيمان بالغيب يعطى معنى إيجابيا للحياة الدنيا من خلال استشعارالمؤمن  وحدة البشرية و وحدة خالقها.كما أن الإيمان بالغيب يجعل المؤمن يستشعر رعاية الله عز و جل للبشرية من خلال بعثة الأنبياء و الرسل عليهم السلام كما يستشعر إنه كإنسان لم يخلق عبثا بل خلق لغاية معينة و هذه الغاية هي التي تحدد مصيره في الأخيرة. و هذا يساهم في  توسيع محيط الإدراك عند الإنسان تميزا له عن الحيوان كما يحرر فكر الإنسان من الاشتغال بقضايا غيبية ليتفرغ لمهمة الاستخلاف و عمارة الأرض.

آثار الإيمان بالغيب في سلوك المسلم:

يعرِّف النبي عليه الصلاة والسلام الإيمان فيقول: (الإيمان ما وقر في القلب وأقر به اللسان وصدقه العمل) الإيمان تصديق قلبي يكون له آثاره النفسية و الفكرية على المؤمن و هذه الآثار تتجلى في المرحلة المالية إلى سلوك عملي يكون له ثمار على شخص المؤمن و كل من حوله بدءا بالأبوين انتقلا إلى كل أفراد العئلة سواء كانت نواة أو ممتدة و من هناك إلى الجيران و المجتمع و الإنسانية و صدق الله العظيم القائل في سورة آل عمران110﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) إن الإيمان الصحيح يوثق الروابط ويشيع المحبة والتعاون بين الناس ، ويبعدهم من التعصب والحقد وحب الذات.وقال صلى الله عليه و سلم في حديث متفق عليه  (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار ) و من يكره أن يلقى في النار يراقب سلوكه و لا يصدر منه إلا الخير  و الكلمة الطيبة و العمل الصالح كما يدفع بالتي هي أحسن فلا يقابل السيئة بمثلها بل يقابل السيئة بالحسنة طمعا في ثواب الله و عملا بوحيه و بكلام رسوله صلى الله عليه و سلم .و لنا في السلف الصالح من الصحابة و التابعين و تابعي التابعين خير قدوة فقد كلم رجل  ذات يوم الخليفة عمر بن عبد العزيز فأساء إليه حتى أغضبه، فهم به عمربن عبد العزيز ، ثم امسك نفسه وقال للرجل :(  أردت أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان فأنال منك ما تناله مني غدا؟ أي في الآخرة قم عافاك الله، لا حاجة لنا في مقاولتك.) هذا تجل من تجليات الإيمان الصادق الذي يعصم المؤمن من الخضوع لأهواء النفس أو الاستسلام لشهواتها ومغرياتها وما يترتب عنها من الخصومة والنزاع.

آثار الإيمان بالغيب على  العلاقات الاجتماعية

قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )الحجرات: 13

قال تعالى: ( إنما المؤمنون أخوة ) سورة الحجرات، الاية: 9

قال تعالى: ( اعدلوا هو أقرب للتقوى ) سورة المائدة، الاية: 8

الإيمان بالغيب يحث الإنسان المؤمن أن يعترف بالاخر كموجود لأنه يؤمن بوجود الخالق الواحد أن الاخر إنسان يشترك مع المؤمن في الإنسانية لأن الآخر فيه قابلية الهداية، لأن الإيمان والكفر وصفان للإنسان وليسا أمرين ذاتيين فيمكن للمؤمن أن يصير كافراً وبالعكس.

 السعي في حاجات الناس: فتارة يكون السعي في حاجات الناس إلزاميا كما في الواجبات الملقاة على عاتق الحاكم لخدمة الرعية، وطوراً يكون السعي في حاجات الناس طوعياً كما في صدقة التطوع

 المؤمن  يستحث خطاه في خدمة الناس طوعاً ليقينه بوجود الثواب الجزيل على ذلك من الله عالم الغيب و الشهادة .

 الإيمان بالغيب يضع للناس ميزاناً رائعاً على صعيد العلاقات الاجتماعية يقوم هذا الميزان على «التواصل الواجب» في حدود الأرحام الذين تجب صلتهم، وعلى «التواصل المحمود» في الأعم من الأرحام

يسعي المسلم إلى قضاء حوائج إخوانه المسلمين، يقول تعالى: ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ) الحج: 77

 يقول عليه السلام: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة" متفق عليه. والمؤمن يسعى بالصلح بين الناس، يقول تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) الأنفال: 1

الخاتمة :
لأنه من جهة المحفز على العمل الصالح و من جهة أخرى المثمر لاستقامة السلوك. كما أن الإيمان بالغيب يوجه المؤمن نحو القيم الأخلاقية و الاجتماعية الفاضلة التي تحقق الصلاح و الإصلاح في المجتمع.فالعقيدة الإسلامية التى من ركائزها الإيمان بالغيب هي من أهم العوامل التي تسهم في تشكيل نظرات الإنسان وصياغة مفاهيمه عن الحياة وطبيعتها .

يدعى البعض أن المعتقدات الغيبية تنحصر و تتراجع في المجتمعات بقدر تطورها العلمي  و التكنولوجي و بقدر إجابتها عن أسئلة الإنسان فما مدى صدق هذا القول في مجتمعاتنا المعاصرة في ظل الثورة الاتصالية و العلمية و التكنولوجية التي شملت كل الميادين دون استثناء ؟

in-the10-13.gif

النموذج  4 :

قال تعالى :  ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا { 26 } إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا { 27 } )    سورة الجن آية 26-27.  ادحض في تحليل مسترسل  ما يزعمه المنجمون و غيرهم ممن يدعي  علم الغيب بثلاث حجج مبينا الجدوى من  إيمان  الإنسان  بالغيب دون أن يكون له حق البحث فيه و القدرة على معرفة كنهه .

المعطى : الآيات 16 /27 / من سورة الجن  قال تعالى :  ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا { 26 } إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا { 27 } )    سورة الجن آية 26-27

المطلوب: دحض ما يزعمه المنجمون و غيرهم ممن يدعي  علم الغيب بثلاث حجج.

بيان  الجدوى من  إيمان  الإنسان  بالغيب دون أن يكون له حق البحث فيه و القدرة على معرفة كنهه .

التحليل :

من المناظر المألوفة لدينا رؤية مجموعة من النساء وقد تجمعن حول إحداهن وهي تمسك بكوب القهوة الفارغ، لتقرأ لهن حظهن ومستقبلهن، إن هذه  الصورة تحكي حقيقة واقع الإنسان المتعطش دوما  لمعرفة ما تخبئه له الأيام، وما تحمله له السنون والأعوام . ومن الناس  من رأى في حركات الكواكب واجتماعها وافتراقها ما يخبر عن أحوال الخلق صحة وسقما، حياة وموتا، سعادة وشقاء، ومنهم من رأى في شقوق كف يد الإنسان، وخطوط الأرض ما ينبئ بمستقبله ومن الناس  من رأى في حركة الطير، وصوت الغراب، ما يؤشر على قدوم خير أو مجيء شر إلى غير ذلك من طرق هي إلى الخرافة أقرب منها إلى العلم .لقد أنكر الإسلام ظاهرة التنجيم  فماهي الحجج التي تدحض قول  مدعي معرفة الغيب من المنجمين ؟ و ما الجدوى من الإيمان بالغيب دون أن يكون له حق البحث فيه و القدرة على معرفة كنهه؟

عرف ابن خلدون التنجيم  في "مقدمته" فقال: ما يزعمه أصحاب هذه الصناعة من أنهم يعرفون بها الكائنات في عالم العناصر قبل حدوثها من قبل معرفة قوى الكواكب وتأثيرها في المولدات- المولّد: المحدث من كل شيء- العنصرية مفردة ومجتمعة، فتكون لذلك أوضاع الأفلاك والكواكب دالة على ما سيحدث من نوع من أنواع الكائنات الكلية - يقصد بالأنواع الكلية، الحوادث التي تحدث للعالم أو للدول.- والشخصية- الحوادث التي تحدث للأشخاص من موت وحياة ونحوه. 

وأمام هذا الاتساع الخرافي في العقلية البشرية لقد كان موقف الإسلام من قضية العلم بالغيب موقفا حاسماً و واضحاً، إذ بين القرآن الكريم  بصريح العبارة أن لا أحد في السموات ولا في الأرض يعلم الغيب إلا الله سبحانه و تعالى ، فقال عزو جلفي سورة النمل الآية 65  : ( قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) و في  سورة الأنعام الآية 50 أمر الله نبيه محمد صلى الله عليه و سلم بأن يقول للناس (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب) وحتى الجن الذين يعتقد كثير من الناس فيهم معرفة الغيب، بيَّن سبحانه و تعالى في كتابه العزيز أنهم لا يملكون هذه القدرة، لقد قص علينا القرآن الكريم أن الجن الذين استعملهم نبي الله سليمان عليه السلام  ظلوا مسخرين في الأعمال الشاقة التي استعملهم لها سليمان - عليه السلام – حتى  بعد وفاته، ولم يعلموا بموته إلا بعد سقوطه حين أكلت الأرضة عصاه التي يتكئ عليها، قال تعالى في سورة سبأ الآية 14 : ( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )لقد أثبت  القرآن الكريم وجود الجن ، ولا ينكر ذلك إلا جاحد لصحة القرآن ، كما أثبت القرآن الكريم  أيضاً أن هناك من الجن مؤمن وكافر ومع ذلك فهم لا يعلمون الغيب.

 قال رسول الله  محمد صلى الله عليه و سلم في إبطال الكهانة و هي ادعاء علم الغيب عن طريق الشياطين : (  من أتى كاهناً أو عرّافاًً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) -  رواه أحمد-  إذا كان الأنبياء و الرسل و الجن و الملائكة لا يعرفون الغيب فكيف لعراف أن يدعي ذلك  أن ادعاء  بعض العرافين معرفة الغيب يتعارض و صريح الآيات القرآنية . و  حين ربط الناس بين كسوف الشمس ووفاة إبراهيم بن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ووقف الرسول وقفته المعروفة: “إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته إنهما آيتان من آيات الله.

إن المنجم و العراف لو كانا يعلمان الغيب لنفعا أنفسهما لاجتنبا ما يكون من الشر قبل أن يكون ولتقياه و لما بقي في انتظار هذا المغفل أو ذاك ليسلباه ماله عن طريق الخديعة و الدجل قال تعالى في سورة الأعراف الآية 188 ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ).

إن العقيدة الإسلامية بنيت على أن النافع الضار هو الله الواحد القهار أما المنجم فلا يملك لأنفسه نفعا و لا يملك أن يكشف ضره فكيف يدعى بعد ذلك القدرة على كشف ضر الناس فهذا أيضا مخالف لصريح القرآن ، قال تعالى : ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) يونس107 ، وقال سبحانه : ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ) الأنعام17.

إن علم الغيب هو من اختصاص الله سبحانه و تعالى، ولا طريق لمعرفته والاطلاع عليه إلا عن طريقه سبحانه، قال تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول ) (الجن: 26-27) . التنجيم  هو وسيلة من وسائل ابتزاز أموال الآخرين عبد الدجل  و هذا العمل محرم و منهي عنه في الشريعة الإسلامية و هو من المنكرات و إن انتشرت  بين الكثير من المسلمين .

الطرافة : لقد اتخذ المنجمون في العصر الحديث من  الصحف والمجلات و الإذاعات و القنوات الفضائية و حتى الشبكة العنكبوتية وسائل لنشر التنجيم و الدجل  فقلما لا نجد في مجلاتنا و صحفنا في صفحاتها  القارة  هذه العناوين (الأبراج) أو (أبراج الحظ)( الحظ والأبراج) ويرسمون بالقرب منها بلورة سحرية، أو يقولون: حظك والنجوم، ويستخدمون في كتابتها طرق التمويه والكذب والخداع. إن  المأساة قد لا تكون  في اتخاد الأبراج و التنجيم عند البعض للتسلية و الترفيه عن النفس لا غير بل المأساة في الاعتقاد الجازم  لدى كثير من الناس بصدقيّة التنجيم إلى حد بقدسيّته

الخاتمة : التنجيم نموذج من نماذج التفكير الخرافي التي سادت المجتمعات القديمة والحديثة، فهو يختلف عن التفكير العلمي من حيث افتقاره إلى العلية أوالسببية العلمية، وان الله وهب الإنسان نعمة العقل وميزه به عن سائر المخلوقات ليسير به حياته ويطور به مجتمعه، وهذا لا يتم إلا بعقول تتخذ من العلم والمعرفة سلاحا لها. وبالتالي يجب على الإنسان ألا يسمح للمنجمين بالتلاعب بحياته وهواجسه عن طريق الإيحاء، كما يجب ألا تساهم وسائل الإعلام بتكوين الذهنية الخرافية لدى أبنائنا؟

 

النموذج 5:

 سؤال تحرير مقال : فرض الإسلام على المسلم مجموعة من القيود و الضوابط كي ينال مزيدا من الحريات أوضح  هذا القول في تحليل مسترسل مبينا  كيف يمكن الجمع بين معطى الحرية و قيد التشريع في آن .

 المعطى : فرض الإسلام على المسلم مجموعة من القيود و الضوابط كي ينال مزيدا من الحريات

 المطلوب :

 أوضح  هذا القول في تحليل مسترسل: فرض الإسلام على المسلم مجموعة من القيود و الضوابط كي ينال مزيدا من الحريات                                                                                                 

 كيف يمكن الجمع بين معطى الحرية و قيد التشريع في آن

 التحليل :

 المقدمة :

 إن لفظ  الحريّة من أكثر الألفاظ دوراناً على الألسنة و تعتبر الحرية  غاية من الغايات وهدفاً من الأهداف التي يسعى الإنسان أن يعيشها في حياته وعلى أساس مستوى الحريّات المتاحة في المجتمع  تقيّم  الدول و تحاكم إن بناء الأنظمة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسة المعاصرة يقوم على الحرية .      و لقد أقر الإسلام الحرية لما لها من بعد ذاتي فهي ترتبط بكيان الإنسان وكرامته الإنسانيّة، و لكن الإسلام فرض على الحرية مجموعة من القيود و الضوابط  و هذا يدفعنا إلى التساؤل كيف ينال الإنسان مزيد من الحريات  بتقييد الحرية ؟ و بعبارة أخرى كيف يمكن الجمع بين معطى الحرية و قيد التشريع و الالتزام في آن ؟

 الجوهر :

 لقد أقر الإسلام حرية الإرادة الإنسانية  و بالرجوع إلى القرآن الكريم نجد الكثير من الآيات التي  تؤكد على  حرية الإنسان  حتى في معتقده يقول تعالى :

 ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)  )الآيات 7-10-سورة الشمس

 قال الله تعالى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )الآية  99 سورة يونس

 قال تعالى (  وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) (29) سورة الكهف

 لقد راعى  الدين الاسلامي مسألة الحرية في كل تشريعاته إلا انه رفض الحرية المطلقة لانها تعني انحدار الإنسان من رتبته الإنسانية الى الرتبة الحيوانية فالاسلام يربط بين الحرية والمسؤولية في تلازم وتكامل ، لتكون حرية الانسان ارادة خيرة فاعلة في مسؤولياته بالرغبة والاقتناع.إن الإنسان بقدر ما هو حر فهو مسؤول أيضا . لا يمكن الحديث عن الحرية في الإسلام دون مسؤولية وحساب. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، . فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته ، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) رواه الشيخان

 تقسم قيود الحرية في الإسلام  إلى قيدين أساسيين القيد الأول قيد داخلي و هو الشعور بالرقابة الذاتية فالمؤمن يخاف الله في سره كما يخافه في علانيته أما القيد الثاني فهو قيد خارجي  و يتمثل في القانون . كما تقسم ضوابط الحرية تقسيما آخر باعتبار  هل هي حرية مطلقة أو مقيدة ؟  فضوابط الحرية المطلقة تشمل حماية الحياة الاجتماعية أو ما يسمى بقواعد النظام العام و مرتكزات الأخلاق و الآداب العامة و حماية الكيان السياسي للدولة  أما الضوابط النسبية  فهي  متغيرة حسب الظروف الزمانية و المكانية و حسب متطلبات و حاجيات الفرد و المجتمع و كمثال لهذه الضوابط النسبية نذكر الحَجر على السفيه أي الحد من حرية الشخص الذي لا يحسن التصرف في أمواله بتضييعها فيما لا ينفعه و فيما لا مصلحة فيه ولا غرض ديني ولا دنيوي كشراء ما يساوي دينارا، بمائة دينار تقيد حرية السفيه بمنعه من التصرف في هذا المال فالسفيه لا ينعقد له بيع ولا شراء ولا وقف و كمثال ثان على الضوابط النسبية نذكر نزع الملكية  من أجل المصلحة العامة مع التعويض العادل لصاحب هذه الملكية . إن تنظيم الحرية و تقييدها يحقق مزيدا من الحرية الإنسانية و نذكر كمثال على ذلك إشارات المرور التي يفرض التقيد بها على مستعملي الطريق لكي ينالوا باحترامها مزيدا من الحرية في حركة المرور فتقل حوادث الطرقات و تنعدم الفوضىنلاحظ من خلال هذا المثال أن مستعملي الطريق  باحترامهم  لإشارات المرور  ينتقلون من الحرية العشوائية إلى الحرية المنظمة أو قل الحرية المقيدة التي تحقق مزيدا من الحرية .و إذا تحدثنا عن ضوابط الحرية السياسية فنقول أنها  الالتزام  بالآداب الإسلامية في طيب الكلام، والإعراض عن الفحش، والقبح، والتشهير. فلا يمكن بحال من الأحوال أن تكون الحرية السياسية عدوان على حقوق الآخرين سواء أفرادًا وجماعات إن  الإسلام يرفض الحرية التي تعني حرية الفوضى وحرية الشتم والسباب والغيبة واتهام الآخرين وغير ذلك مما يسي‏ء إلى الأخلاق والقيم. يمكننا تلخيص الضوابط التي وضعها الإسلام للحرية في ألا تؤدي حرية الفرد أو الجماعة إلى تهديد سلامة النظام العام وتقويض أركانه، وألا تفوت هذه الحرية  حقوقاً أعظم منها،وذلك بالنظر إلى قيمتها في ذاتها ورتبتها ونتائجها،و ألا تؤدي هذه الحرية التي يمارسها الإنسان فردا أو جماعة  إلى الإضرار بحرية الآخرين. بهذه الضوابط و بهذه القيود يقدّم الإسلام  تصوّراً متميّزاً للحريّة والإنسان الحر و ذلك عبر إضفاء معنى قيميا و خلقيا  على الحرية .

 الطرافة :

 إن الحرية مثل النار لا تستخدم إلا ضمن حدود وضوابط، وإلا أكلت الأخضر واليابس، وابتلعت كل شيء أتت عليه. ليس هناك حرية مطلقة وإلا لعمت الهمجية والفساد في الأرض، وحطمت الفضائل والأخلاق والقيم الدينية، والنظم الاجتماعية،و لهدمت مبادئ الحق والعدل قال الله تعالى : (ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها  ) إن لكل شيء حد ولولا حدود الأشياء لضاعت معالم الحرية، وتلاشت خصائصها، فالحرية شأنها كشأن سائر الأشياء لابد أن يكون لها حدود. و يخطئ من يجعل الحرية مركبًا يستبيح بها كل شيء دون ضوابط، فليس من الحرية أن يرضي الإنسان شهوته ويسبب آلام الآخرين . كما وضع الإسلام ضوابط و قيودا للحرية فإننا نجد هذا التمشي في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و في القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة .

 إن المواثيق الدولية و الإعلان العالمي  لحقوق الإنسان يضع ضوابط و قيود و حدود للحرية فالحرية المطلقة لا وجود لها  لا في القوانين الإلهية و لا القوانين البشرية فقد أكد القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/1981: إن إهانة واحتقار الأديان يعد خرقا لميثاق الأمم المتحدة . كما نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 18 من وجوب احترام ومراعاة الأديان.و نص الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 18 فقرة 3 من أن حرية التعبير عن الأديان مقيدة بضوابط الأخلاق العامة , ولا تتعدى على حقوق الآخرين.حتى  القوانين الأوروبية فقد وضعت قيود و ضوابط للحرية  فلا يستطيع أي إنسان اليوم مهما كان أن يتحدث بحرية مطلقة عن الهولوكوست، إذ أصدرت الدول الغربية قوانين تجرم من يشكك بالمحرقة اليهودية حتى غدت شيء مقدس لا يجوز المساس به، وليس أدل على ذلك مما حدث لكل من المؤرخ البريطاني د. ديفيد ايرفينيجوالبروفيسور روجيه غارودي , كين ليفنجستون , إرنست زونديل، جيرمار رودولف عندما مارسوا حقهم في حرية التعبير مخالفين القوانين الغربية التي وضعت قيودا و ضوابط عند الحديث عن الهولوكوست ، لقد شكك هؤلاء الباحين في المحرقة اليهودية،و رغم أنهم برهنوا على شكوكهم  بالأدلة التاريخية والمنطقية إلا أن هذا لم يغفر لهم، فتعرض بعضهم للمحاكمة، وقامت وسائل الإعلام بشن هجوم عنيف عليهم

 يقال بأن حرية الإنسان  تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين فهل يؤخذ هذا القول على إطلاقه في التشريع الإسلامي  ؟ إطلاق الحرية للفرد فى كل شيء، ما لم تتعارض أو تصطدم بالحق أو الخير أو المصلحة العامة، فإذا انعدمت تلك الحدود فإن الحرية تصبح اعتداء يتعين وقفه وتقييده . الإنسان حرٌّ في الإسلام ، لكن حريته تتضمن مسؤولية مناطة بالابتلاء والامتحان الإلهي في هذه الدنيا قال عز من قائل : (وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) - الكهف: 29-

 الخاتمة :  هكذا نتبين كيف أن الإسلام قيد الحرية بضوابط  لينال الإنسان مزيدا من الحريات و حتى لا تنقلب الحرية إلى فوضى  كما تبينا كيف أن جمع الإسلام  بين الحرية و قيد التشريع ليس بدعا على التشريع الإسلامي بل إن القوانين و المواثيق الدولية و في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تضبط الحرية و تنظمها .و لكن الملاحظ إن الفكر الإسلامي قديما توسع في  تناول مسألة الحرية في علاقتها بالإرادة الإلهية و الإنسانية و  عرفت هذه المسألة في التراث الإسلامي بمسألة القضاء و القدر . فما رأي الجهمية و المعتزلة و الأشعرية في حرية الفعل الإنساني ؟

النموذج 6 :

 سؤال تحرير مقال : أنا موحِّد فأنا حر. أوضح في تحليل مسترسل  بعض تجليات تحرير عقيدة التوحيد المؤمن من الأوهام في كل من الاعتقادات و العبادات و الفكر مدعما تحليلك بشواهد نقلية و تاريخية .

 المعطى : أنا موحِّد فأنا حر

 المطلوب : أوضح في تحليل مسترسل  بعض تجليات تحرير عقيدة التوحيد المؤمن من الأوهام في كل من الاعتقادات و العبادات و الفكر مدعما تحليلك بشواهد نقلية و تاريخية

 تفكيك المطلوب: من تجليات تحرير عقيدة التوحيد المؤمن من الأوهام في :

 الاعتقادات  - العبادات   - الفكر   - المعاملات

 التحليل:

 المقدمة :

 على وزن مقولة أنا أفكر فأنا  موجود جاءت مقولة أنا موحد فأنا حر ذلك أن عقيدة التوحيد هي تحرير شامل للمؤمن من الأوهام و في هذا التحليل سنحاول بيان كيف أن العقيدة الإسلامية حررت الإنسان الاعتقادات في العبادات أو المعاملات أو في المعارف .و في البداية يحق لنا أن نتساءل كيف حرر الإسلام المؤمن من الأوهام في مجال الاعتقادات.؟ 

الجوهر :

من تجليات تحرير عقيدة التوحيد المؤمن من الأوهام في الاعتقادات تحريم عبادة البشر و الظواهر الطبيعية و الأصنام فالعقيدة الإسلامية جاءت لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد الأحد و تنزيهه عن الشريك و النقص  فالله سبحانه و تعالى يتصف بكل صفات الكمال فهو  خالق كل شيء .قال تعالى  (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ) .

 أما في مجال العبادات فقد أتت عقيدة التوحيد لتحرير الإنسان من عبادة غير الله سبحانه و تعالى إن العبادة في الإسلام هي عبارة عن أفعال و أقوال تزكي النفس و تبعثها على التنزه عن الرذائل و السعي الدائب لبلوغ أعلى مرات الكمال و السمو الإنساني إن العبادة في عقيدة التوحيد تشمل الحياة كلها قال تعالى ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) لقد حرر الإسلام الإنسان من ربقة أخيه الإنسان فيسعى عبر تشريعاته إلى القضاء على التبعية و على الرق و العبودية في كل أشكالها . و لقد عبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ذلك بقوله ( مذ كم تعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) .

 ننتقل الآن للإجابة عن سؤال كيف حررت العقيدة الإسلامية المؤمن من الأوهام في مجال المعاملات ؟ لقد انبنت المعالات في الإسلام على جلب المصالح و درء المفاسد فأحل الله البيع و تبادل المنافع بين البشر كل البشر و حرم الغش و الاستغلال كما راعى الإسلام في كل المعاملات متطلبات الواقع الإنساني . قال تعالى   ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة 29 (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) البقرة 275   قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من جالب يجلب طعاما من بلد فيبيعه بسعر يومه الا كانت منزلته عند الله منزلة الشهداء) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم" وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله

 أما بخصوص تحرير عقيدة التوحيد المؤمن في مجال الفكر فيبرز في نهي النص القرآني صراحة عن التقليد الأعمى و لو كان هذا التقليد الأعمى للآباء و الأجداد فالإسلام يرفض قبول المسلمات دون إعمال عقل لذلك أمر القرآن الإنسان بإعمال  عقله بالنظر في الكون للوصول إلى معرفة الله و قدرته و عظمته كما أن الإسلام يرفض الاحتجاج بغير علم أو إتباع الظن .قال تعالى ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) البقرة  (170) قال تعالى : ( وَمَا يَتَّبِعُأَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّشَيْئًا ۚ) يونس 36 .لقد أطلقت العقيدة الإسلامية فكر الإنسان لإظهار مواهبه عبر الاكتشافات و الاختراعات التي بدونها لن يفي الإنسان بوظيفة الاستخلاف التي خلق من أجلها و التي عبر عنها القرآن بالأمانة التي تعجز السماوات و الأرض و الجبال عن تحملها و حملها الإنسان بفضل ما  أهله  الله سبحانه و تعالى به من حرية  و قدرة على الفعل و الترك

 الطرافة : صحيح دعت عقيدة التوحيد إلى الحرية في العقيدة و الفكر و المعاملات و العبادات و لكن لا  تعنى الحرية في الإسلام التحرر و الانحلال من كل الضوابط الاجتماعية و الأخلاقية و القانونية بل إن الحرية التي أقرتها عقيدة التوحيد تقوم على الالتزام و التقيد و المسؤولية .

 لقد انتشرت و ما زالت تنتشر في بعض المجتمعات العربية الإسلامية ظاهرةتقديس الأولياء الصالحين لا الاقتداء بهم أو ظاهرة التنجيم و الشعوذة أو ظاهرة التعصب الأعمى لأئمة المذاهب الفقهية .

 الخاتمة : هكذا يتبين  لنا أن إقرار عقيدة التوحيد الحرية عمليا فتحت العقول على العلم بكل مجالاته و فروعه و بذلك أيضا تفتح المجال للتقدم و التطور الحضاري و للتقارب بين كل شعوب المعمورة على اختلاف ألوانها و معتقداتها قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍوَأُنْثَىٰوَجَعَلْنَاكُمْشُعُوبًاوَقَبَائِلَلِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِأَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَعَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات﴿13﴾. و لكن و مع بروز الفهم الخاطئ من الجهمية لعقيدة القضاء و القدر و قولها بالجبر حد من حرية الإنسان و فعله في الكون و هذا يدفعنا للتساؤل ما حقيقة نظرية الجهمية  في حرية الفعل الإنساني ؟ و ما  أثر هذه النظرية على المجتمع و الحضارة الإنسانية  ؟

 

 

×