Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

الفرق الكلامية بين الحرية و الجبر

المقالات المختلفة للفرق الكلامية في القضاء و القدر

أنقر هناكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

ذكر الحافظ ابن حجر: أن العلماء عرفوا القضاء و القدر ب : (القضاء: الحكم الكلي الإجمالي في الأزل، والقدر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله)

قال الجرجاني: القدر خروج الممكنات من العدم إلى الوجود واحدا بعد واحد مطابقا للقضاء، والقضاء في الأزل، والقدر فيما لا يزال، والفرق بين القدر والقضاء هو أن القضاء وجود جميع الموجودات في اللوح المحفوظ مجتمعة، والقدر وجودها متفرقة في الأعيان بعد حصول شرائطها.                                                                                                          قال النووي: "واعلم أن مذهب أهل الحق إثبات القدر ومعناه أن الله تبارك وتعالى قدر الأشياء في القدم، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى، وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى". شرح النووي على مسلم: (1/154)                                                                                                           قال الإمام شمس الدين السفاريني في عقيدته الموسومة بلوامع الأنوار البهية: "أن القدر عند السلف ما سبق به العلم وجرى به القلم، مما هو كائن إلى الأبد، وأنه-عز وجل- قدر مقادير الخلائق وما يكون من الأشياء قبل أن تكون في الأزل، وعلم-سبحانه وتعالى- أنها ستقع في أوقات معلومة عنده-تعالى- وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها". لوامع الأنوار البهية: (1/148)

خلاصة : مسألة الجبر و الحرية أو القضاء والقدر أو حرية الإرادة الإنسانية ترتبط بالتوحيد من جانب ، وبالعدل الإلهي والقدرة الإلهية من جانب آخر.

 

 

 

 

 

تعريف:

 القضاء  و القدر

المقالات المختلفة في القضاء و القدر

الأشعرية

المعتزلة

الجبرية

القدرية

تنسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري

المعتزلة هم أصحاب واصل بن عطاء الغزَّال

تنسب إلى الجهم بن صفوان توفي 128 هجري

أتباع : معبد الجهني           و غيلان الدمشقي

يرى الأشاعرة أن جميع أفعال البشر تقع تحت حكم الله وإرادته، وأن ما يقع في الكون من الخير والشر الذي يكون مصدر الإنسان منهما، كله من عند الله، ولا احتمال عند أهل السنة الأشاعرة لتعارض إرادة الإنسان مع إرادة الله، ولا تعارض فيما فشل من إرادته مع إرادة الله، وإنما أراد الله من الإنسان الإرادة والفشل معًا، وأنه لاشيء في الكون خارج إحاطة إرادة الله، وأن إرادة الله شاملة شمولاً لا تخرج عنه أفعال البشر الاختيارية، ولا إرادتهم الجزئية، ويستدلون على ذلك بالآية القرآنية  من سورة  الإنسان( وما تشاءون إلاّ أن يشاء الله)تعريف الكسب:اقتران قدرة الإنسان وهي قدرة حادثة بالفعل الذي يروم القيام به دون أن يكون قدرته أثر في إيجاد الفعل

ويفترق مذهب الأشاعرة عن مذهب الجبرية في هذه المسألة، في أن الجبرية لا قدرة ولا إرادة ولا فعل عندهم للإنسان، أما الأشاعرة فهم يرون أن للإنسان قدرة لكن لا تأثير لهذه القدرة في جنب قدرة الله، وله أفعال لكن الله هو من خلقها، وله إرادة تستند أفعاله إليها، لذا يعدّ الإنسان عند الأشاعرة مختارًا في أفعاله، ويكفي عندهم تسمية أفعاله  ( أفعالاً اختيارية )استناد تلك الأفعال إلى إرادته واختياره، وهذه الإرادة والاختيار عند الأشاعرة هي من الله، لذا فإن الأشاعرة يرون بأن مذهبهم مختلف جدًا عن مذهب الجبر في مسألة أفعال العباد. قال الإمام الغزالي و هو أشعري :   ( لما بطل الجبر المحض ببداهة بين حركة المرتعش وحركة المختار وبطلت خالقية العبد بالأدلة العقلية والنقلية المبسوطة في الكتب الكلامية وجب اعتقاد أن فعل العبد مقدور بقدرة الله تعالى اختراعا وبقدرة العبد على وجه آخر معبر عنه بالكسب)

يقول الإيجي مقررا مذهب الأشاعرة في هذا الأمر: (المقصد الأول في أفعال العباد الاختيارية وأنها واقعة بقدرة الله وحدها وليس بقدرتهم تأثير فيها، بل الله تعالى أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما فيكون فعل العبد مخلوقا لله إبداعا وإحداثا، ومكسوبا للعبد، والمراد بكسبه إياه مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون منه تأثير) انظر المواقف في علم الكلام للإيجي ص (237) خلاصة ما ذكره أبو الحسن الأشعري من خلال كتابية "الإبانة" و"اللمع" نستنتج أن الكسب الأشعري ينتهي إلى أن للعبد إرادة وقدرة حادثة، فقدرة العبد مهمتها كسب الفعل، وقدرة الله مهمتها خلق الفعل وهكذا فإن الإنسان قد منحه الله قدرة كاسبة ليس لها تأثير في خلق الفعل، وإنما يفيض الله عليها هذه القدرة الحادثة فتكسب الفعل بقدرة الله تعالى، وهذا القصد أو العزم هو مناط التكليف والثواب والعقاب

قال الله تعالى: ( أفمن يخلق كمن لا يخلق )  سورة النحل/17 وقال البيهقي: (ومعلوم أن الأفعال أكثر من الأعيان فلو كان الله خالق الأعيان، والناس خالقي الأفعال، لكان خلق الناس أكثر من خلقه، ولكانوا أتم قوة منه، وأولى بصفة المدح من ربهم سبحانه، ولأن الله تعالى قال:        ( والله خلقكم وما تعملون)  فأخبر أن أعمالهم مخلوقة لله عز وجل

من الآيات التي تتسق مع مفهوم الكسب في نظريته: قوله تعالى: (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) سورة البقرة/225 وقوله تعالى: (أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب) سورة البقرة/202 وقوله تعالى: (ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)سورة البقرة/281 وقوله تعالى: ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) سورة البقرة/286

نقل الشهرستانيّ أنّه دخل شخص على الحسن البصري فقال: يا إمام الدين! لقد ظهرت في زماننا جماعة يُكفِّرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم تُخرج عن الملّة، وهم وعيديّة الخوارج. وجماعة يُرجئون أصحاب الكبائر ويقولون لا تضرّ مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأُمّة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟
فتفكّر الحسن في ذلك وقبل أنْ يجيب، قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول إنّ صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر. ثُمّ قام واعتزل إلى اسطوانة المسجد يُقرّر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنّا واصل، فسمّي هو وأصحابه: معتزلة                                رأى المعتزلة "أن أفعال الإنسان غير مخلوقة لله"، وأن من قال: "أن الله سبحانه خالقها ومحدثها فقد عظم خطؤه لأنه يستحيل أن يكون فعل واحد مفعولا لفاعلين، ومقدوراً لقادرين وأثرا لمؤثرين"واتفق المعتزلة جميعاً على أن أفعال العباد من تصرفهم، وأنها حادثة من جهتهم، وعلى أن الإنسان محدث وفاعل لما يصدر عنه من أفعال، وأن جهة تعلق هذه الأفعال بالناس الفاعلين لها إنما هو الحدوث، أي أن جهة تعلق هذه الأفعال بفاعلها ليست "الكسب" بالمعنى الذي تحدثت عنه الأشعرية، ومن باب أولى ليست الظرفية والمحلية كما رأت ذلك الجبرية والمجبرة الخلص(25) ومن ثم فإن المعتزلة تنسب أفعال العباد إليهم، وتقر بأنهم يملكون القدرة والحرية على الفعل والاختيار، ولهذا فقد لقب المعتزلة بدعاة الحرية في الإسلام، بل إن المعتزلة أقروا بمقدرة العقل البشرى على التمييز بين الحسن والقبيح، والخير والشر بعكس الاتجاهات الأخرى التي كانت ترى أن الحسن والقبيح شرعيان.من المستقر في فطر الناس أن من فعل العدل هو عادل، ومن فعل الظلم فهو ظالم، ومن فعل الكذب فهو كاذب، فإذا لم يكن العبد فاعلا لكذبه وظلمه وعدله، بل الله فاعل ذلك لزم أن يكون هو المتصف بالكذب والظلم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. 1- قوله تعالي في سورة المؤمنون آية 14( فتبارك الله أحسن الخالقين) فنيه تعالي علي إثبات خالق سواه وإن كان لا يطلق ذلك. 2-  قال تعالي في سورة المائدة آية 110 ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير) فأضاف ذلك إلي عيسي عليه السلام وقال أيضا في سورة العنكبوت آية 17 (وتخلقون إفكا ) قال القاضي عبدالجبار المعتزلي للمخالفين : إنه ينبغي أن تؤؤل الآيات الأخري التي قد يوحي ظاهرها أنها معارضة لهذه الآيات مثل قوله تعالي ( والله خلقكم وما تعملون ) ، وقوله ( هل من خالق غير الله ) وغيرها حتي لا يوجد تناقض أو تعارض في آيات الكتاب الكريم ويسلم الآي أجمع ويتفق معناها ولا يختلف. وقوله تعالى (  فما لهم لا يؤمنون) وقوله تعالى (كيف تكفرون بالله ) وقوله سبحانه  ايضا ( ولكن الناس أنفسهم يظلمون) وقوله ( من يعمل سوءا يجز به)

يقول الدكتور سامي النشار في كتابه عن الجبرية:"الجبر في الاصطلاح الفني الكلامي هو: نفي الفعل حقيقة عن الإنسان، وإضافته إلى الله" الله خالق أفعال الإنسان لقد نفت الجهمية الحرية الإنسانية كما أنكرت الاختيار فالإنسان في مذهب الجبرية مسيَّر غير مسؤول . والجبر هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب فالجبرية بهذا القول  أثبتوا مشيئة الله العامة، وخلقه الشامل، ونفوا ذلك عن العبديقول البغدادي: وقال - أي الجهم  بن صفوان - لا فعل ولا عمل لأحد غير الله تعالى وإنما تنسب الأعمال إلى المخلوقين على المجاز كما يقال: زالت الشمس ودارت الرحى من غير أن تكونا فاعلتين أو مستطيعتين لما وصفتا به) الفرق بين الفرق ص (211)يقول الشهرستاني- وهو يعدد آراء الجهم بن صفوان -: (... ومنها قوله في القدرة الحادثة: إن الإنسان ليس يقدر على شيء، ولا يوصف بالاستطاعة وإنما هو مجبور في أفعاله، لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وينسب إليه الأفعال مجازا، كما ينسب إلى الجمادات، كما يقال: أثمرت الشجرة وجرى الماء... إلى غير ذلك، والثواب والعقاب جبر كما أن الأفعال جبر، وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضا جبر)الملل والنحل 1 \ 110 – 111  الجبرية لم تجعل للأعمال ارتباطا بالجزاء البتة ، وجوزت أن يعذب الله من أفنى عمره في طاعته ، وينعم من أفنى عمره في معصيته ، وكلاهما بالنسبة إليه سواء ، وجوزت أن يرفع صاحب العمل القليل على من هو أعظم منه عملا ، وأكثر وأفضل درجات ، والكل عندهم راجع إلى محض المشيئة ، من غير تعليل ولا سبب ، ولا حكمة تقتضي تخصيص هذا بالثواب ، وهذا بالعقاب . قوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) سورة الزمر الآية 62قوله تعالى:  ( أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) سورة الرعد الآية 16  قوله تعالى( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) سورة التكوير الآية   قوله تعالى: ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) . سورة البقرة الآية 253  لو كان الاحتجاج بالقدر صحيحاً لأمكن لكل واحد أن يقتل ويفسد ويأخذ الأموال ويظلم العباد، فإذا سئل عن أفعاله احتج بالقدر، وكل العقلاء يعلمون بأن هذه الحجة مرفوضة غير مرضية، وإلا فإن الحياة تفسد. وكثير من الذين يحتجون بالقدر لظلمهم وفسقهم وضلالهم يثورون إذا ما وقع عليهم الظلم، ولا يرضون من غيرهم أن يحتج على ظلمه لهم بالقدرقال ابن أبي العز الحنفي: وقد تسمَّى الجبرية قدرية؛ لأنهم غَلوا في إثبات القدر) شرح الطحاوية للإمام ابن أبي العز. الإنسان عند الجهم يختلف عن الجمادات، لأن الله خلق للإنسان قوة كان بها الفعل، كما خلق له إرادة للفعل، واختياراً منفرداً له، لكن هذه الإرادة كاللون والطول ونحوهما مما لا إرادة للإنسان فيه ولا قدرة

حدَّدت فرقة  القدرية النفاة من القدرة الإلهية فوصفت بأشدِّ الفرق تطرفا إذ أن الإنسان يقدِّر أعمال نفسه بعلمه و يتوجه إليها بإرادته ثم يو جدها بقدرته فالله سبحانه و تعالى حسب القدرية لا يقدر أعمال الإنسان أزلا و لا دخل لإرادته أو قدرته في وجودها و لا يعلمها إلا ساعة وقوعها و لا وجود لهذه الأعمال في الأزل

قال ابن أبي العزّ الحنفي: قالت القدرية النفاة: ليست المعاصي محبوبة لله، ولا مرضيّة له، فليست مقدّرة ولا مقضّية، فهي خارجة عن مشيئته وخلقه.

سئل الإمام أحمد رحمه الله عن القدرية هل هم كفار؟ قال : هم من المسلمين ،فقيل له : ينكرون العلم ؟ قال إذا أنكروا كفروا

قال الإمام الشافعي:  رحمه الله تعالى: ناظروا القدرية بالعلم، فإن أجابوا -يعني: اعترفوا بأن الله عالم بأعمال العباد قبل أن توجد- خصموا، وإن أنكروا كفروا. أي: ناظروا القدرية بالعلم فإن اعترفوا وأجابوا خصموا، وإن أنكروا كفروا، فالقدرية الأوائل الذين أنكروا العلم تكلم عليهم السلف، وكفروهم بهذه المقالة الشنيعة
قال خليفة مات –معبد الجهني-   قبل التسعين . وقال سعيد بن عفير : في سنة ثمانين

لما تولى الخلافة – بعد عمر بن عبد العزيز – هشام بن عبد الملك  أراد ان يحقق وعده السابق بالانتقام من غيلان، فاعتقله، و في مجلس الخلافة زعق فيه: مد يدك، فمدها غيلان، فضربها الخليفة بالسيف فقطعها، ثم قال: مد رجلك، فمدها، فقطعا الخليفة بالسيف الباتر .. و بعد أيام مر رجل بغيلان و هو موضوع أمام بيته بالحي الدمشقي  الفقير، و الذباب يقع بكثرة على يده المقطوعة، فقال الرجل ساخراً: يا غيلان، هذا قضاءٌ وقدرفقال له: كذبت، ما هذا قضاء و لا قدر .. فلما سمع الخليفة بذلك، بعث إلى غيلان من حملوه من بيته، و صلبه على احدى أبواب دمشق . كان الآجري  و ابن عساكر فيرددان عبارة الإمام مكحول الشامي - المعاصر لغيلان - حيث قال عنه (لقد ترك غيلان هذه الامة، في لجج مثل لجج البحار)

يثول في كتابه " نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام  سامي النشار، عن الجعد بن درهم " لا نستطيع أن نصدق أن قتله(أي الجعد)كان لآرائه الفكرية، بل يبدو أنه لسبب سياسي

النقد : الأشعري يثبت للإنسان قدرة غير حقيقية أو هي مجازية لأنها قدرة غير مؤثرة

قول الأشاعرة مثل قول الجبرية في القضاء و القدر إلا أن الأشاعرة قالوا بالكسب، وهذا المذهب في الحقيقة يرجع إلى الجبر، فهم فسروا الكسب بأنه عبارة عن اقتران المقدور بالقدرة الحادثة، من غير أن يكون لها أثر فيه، وعليه فما دام العبد ليس بفاعل ولا له قدرة مؤثرة في الفعل، فالزعم بأنه كاسب وتسمية فعله كسبا لا حقيقة له، فإنه لا يمكن أن يوجد فرق بين الفعل الذي نفي عن العبد والكسب الذي أثبت له

 

النقد : 1- عجز المعتزلة عن توفير الطابع الجماهيري لمذهبهم بنفس العجز الذي يجده في العصر الحديث الحداثيون الذين يشتركون معهم- كما سبق القول- في النزعة العقلانية، في مقابل الانتشار الذي تحظى به التيارات السلفية كما كان شأن أسلافها من "أهل السنة والجماعة" في عهد المأمون والواثق وغيرهما. وربما يفسر الطابع النخبوي للاعتزال زواله كمذهب وإن لم يختف كمرجع لبعض النزعات المسماة تقدمية وتحررية في الإسلام.

2- كان نقد المعتزلة لصحابة رسول الله (صلعم) ورقة رابحة استغلها قادة وأئمة أهل الحديث، لتقليب العامة على المعتزلة. إن معظم عقائد الحنابلة ما هي إلا تعبير عن سخطهم وغضبهم من المعتزلة، لما ذاقوه على أيديهم من سوء العذاب في أيام حكم المأمون والمعتصم والواثق

3-  يكفي المعتزلة فخرا وفضلا أنهم كانوا رواد الفكر العقلاني في حضارتنا، بل إن مرتكزات حركتهم متمثلة في العقل والعلم والنقد والأصالة والإنسانية تمثل المدخل لأية حداثة في العصر الحديث

النقد : ونتائج الفكر الجبري خطيرة على المجتمعات والأفراد، لأنها تصير الفرد لا قيمة له، والمجتمع الخشبة بين يدي الأمواج، وتزرع في النفوس التواكل والتواني.وفي الجبر محو التكاليف، وهدم الشريعة، وإبطال لحكم العقل. ولا يمكن أن يتصور دور العقل والإنسان مسلوب الحرية القول بالجبر يلغي القول بالنبوّة والوحي والأوامر والنواهي والأحكام الشرعية والبيانات العقائدية ، وكذلك الثواب والعقاب  لو كان العبد مجبرا على عمله، لكانت عقوبة العاصي ظلما، ومثوبة الطائع عبثا، والله تعالى منزه عن هذا وهذا، ولأنه لو كان العبد مجبرا على عمله لم تقم الحجة بإرسال الرسل، لأن القدر باق مع إرسال الرسل، وما كان الله ليقيم على العباد حجة مع انتفاء كونها حجة.

 

النقد : القدرية النفاة بهذا القول ينزهون الله عن الظلم، لأنه لو قدر المعاصي عليهم، ثم عذبهم عليها، لكان ظالما لهم، وللزم من إثبات قدرة الله على أفعالهم الجبر، الذي هو باطل بالشرع والعقل.

قال مالك بن دينار : لقيتُ معبدا بمكة بعد فتنة ابن الأشعث وهو جريح ، قد قاتل الحجاج في المواطن كلها

وروى ضمرة ، عن صدقة بن يزيد ، قال : كان الحجاج يعذب معبدا الجهني بأصناف العذاب ولا يجزع ، ثم قتله

 

نقسمت الفرق الكلامية إلى قسمين كبيرين، القدرية والجبرية، ثم ذابت هاتان الفرقتان في فرقتين أكبر منهما، هما المعتزلة والأشاعرة ( أهل الحق و أهل السنة و الجماعة )

 

زالت فرقة القدرية و الجهمية لغلوهما لتظهر آرائهما لدى الفرق الكلامية الناشئة بعدهما و منها المعتزلة  و الأشعرية.

خلاصة القول  : إن قضية أفعال العباد بين الحرية والجبرية تكتسب دلالتها العميقة من خلال الكشف عن الأفق السياسي الذي حركها سواء في الخلافة الأموية أو الخلافة العباسية ،إذ لا يمكن دراسة أي قضية في علم الكلام دراسة موضوعية نقدية دون الكشف عن السياق السياسي الذي تخلقت فيه، لأن ذلك يضيء مساحات في حاجة إلى مزيد من الكشف  في تاريخ الفكر و الثقافة الإسلامية، والذي قام فيه السياسي و ما زال يقوم  بالدور الفاعل في تحريك الديني والثقافي لخدمة أغراضه السياسوية.