Créer un site internet

Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

من مناهج التشريع

كتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آدابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابأنقر هنا

من مناهج التشريع الإسلامي 

 

المصالح المرسلة : المصالح جمع مصلحة، وهي المنفعة، و المراد بالمصلحة  لغة : جلب المنفعة، ودفع المضرة. والمرسلة : أى المطلقة يقال ترك دابته مرسلة أي غير معقولة، وعليه فيراد من الإرسال أن يوكل أمر تقدير المصلحة إلى العقل البشري .

المصالح المرسلـة والاستصلاح عند الأصوليين بمعنى واحد، فالاستصلاح في اللغة العربية طلب المصلحة، فالمصلحة إذا أثر الاستصلاح

عرف الآمدي المصلحة المرسلة فقال: هي مصلحة لم يشهد الشرع لها لا باعتبار ولا بإلغاء. ولذلك سميت مرسلة.

عرفها ابن الحاجب بقوله: "المصلحة المرسلة هي التي لم يشهد لها أصل بالاعتبار ولا بالإلغاء، ولا نص ولا إجماع، ولا يترتب الحكم على وفقه." مختصر ابن الحاجب: 2/289

والمصلحة المرسلة: هي التي لم ينص الشارع عليها بعينها أو نوعها بالاعتبار أو الإلغاء، وهي داخلة تحت المقاصد الكلية.

وتنقسم المصالح من حيت اعتبار الشارع لها أو عدمه - أيضا - إلى ثلاث:

1- المصالح المعتبرة شرعا

2- المصالح الملغاة شرعا: كمصلحة آكل الربا لزيادة المال، أو مصلحة المريض أو من ضاقت معيشته في الانتحار ونحوها.

3- المصالح المرسلة: وهي المقصودة في هذا البحث، وهي مصلحة لم يشهد الشرع لها باعتبار ولا بإلغاء.

و اشترط  للعمل بالمصلحة المرسلة، أن تلائم مقاصد الشرع، بحيث لا تنافي أصلا من أصوله، ولا تعارض نصا أو دليلا من أدلته، بل تكون متفقة مع المصالح التي قصد الشارع إلى تحصيلها

ومما ذكره الأصوليون كمثال للمصالح المرسلة: جمع القرآن في مصحف واحد، وتضمين الصناع، وضمان الرهن، واتخاذ السجون، وغيرها من المسائل التي لا يوجد فيها نص ولا إجماع وقد أعطى البعض مثالا للمصلحة المرسلة، التي لم يشهد الشرع لها بالاعتبار أو بالإلغاء، بجواز الضرب في التهمة، فقد جوز هذا جماعة  من الفقهاء

إن للمصلحة المرسلة عند الإمام مالك، رحمه الله، شأنا، ذلك أنه بنى عليها الأحكام بوصفها أصلا مستقلا، حتى أصبحت علما له

للمصلحة المرسلة تطبيقات واسعة في شؤون المجتمع، وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والإدارية والقضائية وغيرها.

وبهذا يظهر خلود الشريعة ومواكبتها لحاجات المجتمعات

الاستحسان

تعريف الاستحسان لغة : هو عد الشيء حسنا, كذا إذا عده أو اعتقده حسنا. والحَسَنُ : ضد القبيح ، وهو : عبارة عن كلِّ مُبْهِجٍ مرغوبٍ فيه

   الاستحسان عند أهل الأصول: هو عدول المجتهد عن قياس جلي ضعيف الأثر إلى قياس خفي قوي الأثر.

الاستحسان هو: عدول المجتهد بالمسألة عن حكم نظائرها عن حكم آخر لوجه يقتضي هذا العدول . و عرفت ب"الأخذ بأقوى الدليلين"، وقيل: العمل بأقوى الدليلين . " الأخذ بقياس خفي معارض لقياس جلي" "الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي" و هذا ما قاله الشاطبي. "العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة" الاستحسان الأخذ بالسعة وانتقاء ما فيه الراحة.

كان أبو حنيفة زعيم القائلين بالاستحسان وروى عن مالك في هذا الصدد قوله: الاستحسان تسعة أعشار العلم.

روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن).

إن النصوص الشرعية قد خالفت أحيانا القواعد العامة تحقيقا لمصلحة أو درءا لمفسدة وفي هذا ما يشير إلى ضرورة العدول عن مقتضى القاعدة العامة إذا وجد العدول عن المقتضى لهذا العدول رحمة بالناس وتيسيرا عليهم .

ومن أمثلة هذا العدول:

1- السلم: في الاصطلاح الفقهي السلم هو (بيع آجل بعاجل) أو (دين بعين) أو هو (بيع يتقدم فيه رأس المال -أي الثمن- و يتأخر فيه المثمن -أي المبيع- لأجل مسمى )  أو هو (بيع موصوف بالذمة) أو هو (أن يسلف عوضاً حاضراً في عوض موصوف في الذمة إلى أجل. )  تعددت مجالات تطبيق عقد السلم، ومنها ما يلي:

أ-     يصلح عقد السلم لتمويل عمليات زراعية مختلفة، حيث يتعامل المصرف الإسلامي مع المزارعين الذين يتوقع أن توجد لديهم السلعة في الموسم من محاصيلهم أو محاصيل غيرهم التي يمكن أن يشتروها ويسلَموها إذا أخفقوا في التسليم من محاصيلهم، فَيُقَدِّمُ لهم بهذا التمويل نفعاً بالغاً ويدفع عنهم مشقة العجز المالي عن تحقق إنتاجهم.

ب-    يمكن استخدام عقد السلم في تمويل النشاط الزراعي والصناعي، ولا سيما تمويل المراحل السابقة لإنتاج وتصدير السلع والمنتجات الرائجة، وذلك بشرائها سَلماً وإعادة تسويقها بأسعار مجزية.

ج-    يمكن تطبيق عقد السلم في تمويل الحرفيين وصغار المنتجين الزراعيين والصناعيين عن طريق إمدادهم بمستلزمات الإنتاج في صورة معدات وآلات أو مواد أولية كرأس مال سلم مقابل الحصول على بعض منتجاتهم وإعادة تسويقها.

د- العرايا. قال عياض منح ثمر النخل عاما، وقال ابن عبد البر في الكافي : " ومعنى العرية أن يهب الرجل رجلا ثمرة نخلة أو نخلات أو ثمرة شجرة أو شجرات من التين والزيتون أو حديقة من العنب فيقبضها المعطي ثم يريد المعطي شراء تلك الثمرة منه لأن له أصلها فجائز له شراؤها ذلك العام بخرصها تمرا إلى الجذاذ"

‌ه-  الإكراه على أكل الميتة.

‌و- الإكراه  شرب الخمر أو قول الكفر.

ز-  مثّل بعض أهل الأصول للاستحسان  بقولهم : الأصل أنَّ المرأة كُلَّها عورة ؛ لكن أبيح للطبيب النظر إلى ما تدعو الضرورة إلى النَّظر إليه منها ، وذلك استحساناً ؛ لأجل الضرورة ؛ فيكون أرفق بالنَّاس .

فالاستحسان في حقيقته : منع إدراج بعض الفروع فيما يظنُّ اندراجها فيه من الكليات والقواعد العامّة ؛ لدلالة تترجّح  عند الموازنة بين الأدلة مع اعتبار مقاصد الشرع وعلله وجوداً وعدماً ؛ وهي علامة فقه الفقيه ، لذلك وصفه الإمام مالك بأنه تسعة أعشار العلم ؛ لخفائه على من لم يتأنَّ من الفقهاء ، ولأثره في بيان أحكام المسائل التطبيقية ، من حيث هو نتيجة من نتائج الاجتهاد في تحقيق المناط فيها .
وفي الحكمة من هذا الطريق الاستدلالي يقول الأستاذ محمد فتحي الدريني : " نظرية الاستحسان شرعت ؛ لدرء التعسف في الاجتهاد عن طريق الاستثناء ، والاستحسان ضرب من النظر في المآل ، جرياً على سنن الشارع في اعتبار المسببات عند تشريع الأسباب " .

القياس

القياس لغة: التقدير والاعتبار، على ما جاء في مختار الصحاح مادة :قيس، وتقول العرب قاس الشيء بالشيء إذا قدره على مثاله.
وفي الاصطلاح: عرف بتعاريف شتى، منها أنه إلحاق فرع غير منصوص عليه بأصل منصوص عليه في الحكم لعلة جامعة بينهما.
كإلحاق جميع المشروبات المسكرة بالخمر في التحريم لعلة الإسكار المذهب للعقل الذي هو مناط التكليف. أو كإلحاق شارب الخمر بالقاذف في العقوبة بجامع الافتراء.

أركان القياس:الركن لغة: جانب الشيء الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد أي إلى عز ومنعة، كما يطلق على جزء من أجزاء ماهية الشيء التي لا توجد إلا بوجوده.

واصطلاحاً: يطلق على ما كان داخلاً في حقيقة الشيء وماهيته(. وهو بذلك يتفق مع المعنى اللغوي نحو أركان الصلاة والوضوء، وهو بذلك يفارق الشرط الذي هو خارج عن الماهية.

وعليه فأركان القياس هي أجزاؤه التي يقوم عليها، وقد ذكر جمهور الأصوليين أن القياس يقوم على أربعة أركان هي.

1-الأصل: ويسمى المقيس عليه وهو الواقعة التي ورد النص ببيان حكمها.

2- الفرع: ويسمى المقيس وهو الواقعة التي يراد معرفة حكمها ولم يرد فيها نص.

3- العلة: وهي الوصف الجامع بين الأصل والفرع والذي بني عليه حكم الأصل وبه يعرف الحكم في الفرع.

4- حكم الأصل: وهو الحكم الشرعي الذي ورد به نص من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ويراد تعديته إلى الفرع.

شرع من قبلنا

"شرع من قبلنا" هو تلك الأحكام الشرعية المقررة في شرائع الأنبياء والرسل السابقين على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والتي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم بنص القرآن أو بصحيح السنة، ولم يلحقها ناسخ من شريعة الإسلام.

بهذا التعريف تخرج الأحكام غير الواردة في القرآن والسنة، فما لم يرد فيهما غير معتبر، وعليه لا اعتبار لما ورد في التوراة والإنجيل إذا لم يرد في القرآن والسنة. حيث ذهب المالكية خلافا للشافعية إلى لزوم شرع من قبلنا لنا مما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم عنهم دون ما وصل إلينا من غيره لفساد الطرق إليهم، قال العلامة القرافي في الذخيرة ج12/ص71: "وشرع من قبلنا إنما يكون شرعا لنا إذا ثبت أنه شرع من قبلنا بوحي ثابت أو رواية صحيحة".
وقال القاضي ابن العربي في أحكام القرآن ج1/ص38ـ39: "وهذا هو صريح مذهب مالك في أصوله كلها".
وكذلك لا يعمل بأحكام الشرائع السابقة الواردة في القرآن والسنة إذا لحقها نسخ، إذ هي في حكم المنسوخ الذي يترك لأجل الناسخ، قال القاضي أبو الوليد الباجي: " متى ثبت حكم في شريعة أحد الرسل عليهم السلام بنص قرآن أو خبر صحيح عن نبينا عليه السلام وجب علينا العمل به، إلا أن يدل الدليل على نسخه." وجاء في الفواكه الدواني:"إن شرع من قبلنا شرع لنا حيث لا ناسخ".
فيتحصل من هذا أن العمل بشرع من قبلنا عند المالكية يتوقف على شروط منها اثنان ضروريان:
الشرط الأول: أن يرد الحكم في القرآن أو في صحيح السنة.
الشرط الثاني: أن لا يلحق بهذا الحكم ناسخ من شريعة الإسلام.
وينضاف لهذين الشرطين أمر ثالث مفاده أن لا يتعارض هذا الأصل مع أصل آخر أقوى منه عند الترجيح.

العادة والعرف

العوائد في اللغة جمع عادة والعادة الدأب والديدن وتكرار الأمر.
وأما في الاصطلاح، العادة: ما استمر الناس عليه على حكم المعقول وعادوا إليه مرة بعد أخرى.
والعرف في اللغة من المعروف ضد المنكر، والعرف ضد النكر، المعروف أيضا ما يستحسن من الأفعال، وهو كذلك كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه.
وفي الاصطلاح: العرف ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول وتلقته الطبائع بالقبول.

العوائد في اللغة جمع عادة والعادة الدأب والديدن وتكرار الأمر.
وإذا علمنا معنى العرف والعادة في اللغة والاصطلاح فينبغي معرفة أن الفقهاء قد اتفقوا على اعتبار العوائد والأعراف الصحيحة في عملية الاجتهاد،

والعرف منه عملى  وقولى  فالعرف العملى، مثل: اعتياد الناس بيع المعاطاه من غير وجود صيغة لفظية، وتعارفهم على قسمة المهر فى الزواج إلى مقدم ومؤخر، وتعارفهم على أكل القمح ولحم الضأن.

والعرف القولى ، مثل: تعارف الناس إطلاق لفظ "الولد" على الذكر دون الأنثى مع أنه فى الاستعمال اللغوى يطلق عليهما معا، وكذلك تعارفهم على عدم إطلاق لفظ "اللحم " على السمك.     

وهناك فرق بين العرف والإجماع ؛ إذ الإجماع هو اتفاق مجتهدى الأمة فى أى عصر؛ وأما العرف فما يعتاده أكثر الناس من العوام والخواص، فلا يشترط فيه الاتفاق ويكون فيه حظ للعوام أيضا بخلاف الإجماع.

 والعرف سواء أكان قوليـا أم عمليا نوعان:  عرف عام وعرف خاص، فالأول: ما تعارفه غالبية أهل البلدان فى وقت من الأوقات، مثل: تعارفهم عقد الاستصناع واستعمال لفظ الحرام بمعنى الطلاق لإزالة عقد الزواج.

والثانى وهو العرف الخاص: هو ما يتعارفه أهل بلدة أو إقليم أو طائفة معينة من الناس، كإطلاق الدابة فى عرف أهل العراق على الفرس، وجعل دفاتر التجار حجة فى إثبات الديون.

قول الصحابي

الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإيمان.
ومذهب الإمام مالك فيما اشتهر عنه أن رأي الصحابي المجتهد حجة في حق غير الصحابة كالتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين.
وقد أخذ مالك بهذا الدليل ما لم يعارضه أصل أقوى منه كعمل أهل المدينة مثلا.

ومثال قول الصحابي في المذهب المالكي: رأيه في مسألة ذات الوليين، فإن المرأة إذا جعلت أمر زواجها بيد وليين فزوجاها من رجلين كفئين فالمعتبر أولهما إن عرف، فقد اعتمد مالك رحمه الله في هذه المسألة على قضاء عمر رضي الله عنه.
ومثال تعارض قول الصحابي مع عمل أهل المدينة:
روي في الموطأ أن عمر بن الخطاب قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل وسجد فسجد الناس معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى، فتهيأ الناس للسجود، فقال على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا "فعمر رضي الله عنه يجيز للإمام إذا شاء أن ينزل من على المنبر، إذا قرأ السجدة ليسجد، ويعلق الإمام مالك على هذا الرأي قائلا: "ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة على المنبر فيسجد" وحين تتعدد أقوال الصحابة في المسألة الواحدة فإن مالكا يختار منها ما يتفق مع عمل أهل المدينة.

الاستصحاب

الاستصحاب لغة هو المصاحبة أو استمرار الصحبة وجعل الشيء صاحبا ومصاحبا.
وفي اصطلاح أهل الشرع يطلق على اعتبار الحكم الذي ثبت بدليل في زمن سابق قائما في الحاضر، حتى يظهر دليل مغاير يلغي استمرار الحكم السابق وهو على أنواع.

فمعنى الاستصحاب هو: إبقاء ما كان على ما كان حتى يقوم دليل على خلافه

أنواع الاستصحاب خمسة أنواع وهي :

1-استصحاب حكم الإباحة الأصلية للأشياء التي لم يرد دليل على تحريمها، ومعنى هذا أن المقرر عند جمهور الأصوليين ،بعد ورود الشرع: هو أن الأصل في الأشياء النافعة التي لم يرد فيها من الشرع حكم معين هو الإباحة، كما أن الأصل في الأشياء الضارة هو الحرمة.

2-استصحاب العموم إلى أن يرد تخصيص أو استصحاب النص إلى أن يرد نسخ.

3-استصحاب ما دل العقل والشرع على ثبوته ودوامه ، وقد عبر عنه ابن القيم باستصحاب الوصف المثبت للحكم حتى يثبت خلافه كالملك ، عند وجود سببه ، وهو العقد أو الوراثة، أو غيرهما من أسباب الملك     4استصحاب الحكم الأصلى المعلوم بالعقل في الأحكام الشرعية أى انتفاء الأحكام السمعية في حقنا قبل ورود الشرع، كالحكم ببراءة الذمة من التكاليف الشرعية حتى يوجد دليل شرعى يدل على التكليف ويسمى هذا بالبراءة الأصلية.

5-استصحاب حكم ثابت بالإجماع في محل الخلاف بين العلماء مثاله: إجماع الفقهاء على صحة الصلاة عند فقد الماء، فإذا أتم المتيمم الصلاة قبل رؤية الماء صحت الصلاة، وأما إذا رأى الماء في أثناء الصلاة فهل تبطل الصلاة أم لا؟ قال الشافى ومالك ، لا تبطل الصلاة لأن الإجماع منعقد على صحتها قبل رؤية الماء، فيستصحب حال الإجماع إلى أن يدل دليل على أن رؤية الماء مبطلة، وقال أبو حنيفة وأحمد: تبطل الصلاة ولا اعتبار بالإجماع على صحة الصلاة قبل رؤية الماء، فإن الإجماع انعقد في حالة العدم لا في حالة الوجود ، ومن أراد إلحاق العدم بالوجود: فعليه البيان والدليل

المطلق و المقيد :

إن نصوص الأحكام في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، قد ورد فيها ألفاظ كثيرة تارة تكون مطلقة، وأخرى تكون مقيدة، ولكل لفظ منها مدلوله الخاص وأحكامه التي يدل عليها.
إن  فهم هذه النصوص القرآنية يتطلب  معرفة مدلول اللفظ من حيث الإطلاق والتقييد، وحكم كل منهما، ومتى يحمل المطلق على المقيد عند تعارض النصوص

المطلق عند الأصوليين : ما دل على الحقيقة بلا قيد، يقصدون بالحقيقة: الماهية، والماهية يعني: ماهية الشيء، وأصل الشيء، وحقيقة الشيء، فمثلا: عندك كلمة رجل حقيقة لهذا الإنسان، كلمة رقبة حقيقة لهذا الجزء من بدن الإنسان، هذا المطلق: يدل على ماهية الشيء بدون أي قيد من القيود. اتفق العلماء على أن اللفظ إذا ورد مطلقًا في أي نص من النصوص الشرعية، فالأصل: العمل به على إطلاقه دون تغيير أو تأويل، إلا إذا ورد دليل على تقييده، وصفًا كان القيد أم شرطًا، زمانًا أم مكانًا أم غير ذلك، مما يصرفه عن إطلاقه أو يحدد من شيوعه في جنسه. قوله تعالى: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ..... وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) دلت الآية الكريمة على تحريم أم الزوجة مطلقًا، أي سواء أدخل الزوج بالبنت أم لم يدخل بها، ولهذا قال العلماء: إن مجرد العقد على البنت يحرم الأم، ولا يشترط الدخول بالبنت لتحريم أمها؛ لأن النص جاء مطلقًا (وأمهات نسائكم) ولم يقترن بقيد لفظي زائد من مثل: (اللاتي دخلتم بهن)، ولم يرد هذا النص المحرم لأمهات الزوجات مقيدًا في موضع آخر، فوجب إجراؤه على إطلاقه.اتفق العلماء على أنه إذا ورد لفظ مقيد في نص تشريعي، فإنه يجب العمل به كما ورد، ولا يجوز بحال إلغاء القيد الوارد فيه، والعدول عنه إلى الإطلاق إلا إذا ورد دليل شرعي على إلغاء ذلك القيد.مثال ذلك: مثال المقيد الذي لم يقم دليل على إطلاقه:صيام شهرين متتابعين في كفارة القتل الخطأ، وكفارة الظهار في قوله تعالى: (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) ، وقوله تعالى: ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا) فقد أوجب النص القرآني صوم الشهرين وقيدهما بأن يكونا متتابعين، وهكذا لا يكون من وجبت في حقه كفارة الصوم هذه مؤديًا ما وجب عليه، خارجًا عن العهدة إلا إذا صام شهرين متتابعين، فلا يجزئه عمومها متفرقين ولو فعل لم يخرج عن العهدة، واعتبر كأنه لم يكفر. ففي الكفارتين المذكورتين - كفارة القتل الخطأ وكفارة الظهار - ورد النص بقدر معلوم من المدة الزمنية مقيد بوصف التتابع، فيجب العمل بهذا القيد ما دام لم يثبت دليل يخرج المقيد إلى المطلق. وكما لا يجوز الإخلال بالقدر المنصوص عليه وهو الشهران، فكذا لا يجوز الإخلال بالوصف الذي قيدا به وهو التتابع.          

  أما المقيد عند الأصوليين : فهو ما دل على الحقيقة، ولكن بقيد. إذا قيل: جاء رجل. هذا مطلق، لكن لو قيل: جاء رجل كريم. هذا مقيد، إذا قيل: رقبة. مطلق؛ لأنها كلمة ما تدل إلا على حقيقة الرقبة فقط، لكن: اعتق رقبة مؤمنة. مقيد. بعض الطلاب يشكل عليها الفرق بين العام والمطلق؛ والسبب في الإشكال أن كلا منهما فيه عموم، إذا قيل: أكرم الطلاب. هذه صيغة عموم -مثل ما مر-؛ لأن الاسم دخلت عليه "أل" الاستغراقية.. صيغة عموم.

العام و الخاص :

للنظم التشريعة والأحكام الدينية مقاصد تهدف إليها، وقد يجتمع للحكم التشريعي خصائص تجعله عاماً يشمل كل الأفراد، أو ينطبق على جميع الحالات، وقد يكون لذلك القصد غاية خاصة فالتعبير عنه يتناول بعمومه الحكم ثم يأتي ما يبين حده أو يحصر نطاقه، والبيان العربي في تلوين الخطاب وبيان المقاصد والغايات مظهر من مظاهر قوة اللغة واتساع مادتها. فإذا ورد هذا في كلام الله المعجز كان وقعه في النفس عنوان إعجاز تشريعي مع الإعجاز اللغوي.

تعريف العام:

العام: هو اللفظ الدال بالوضع على شموله لجميع أفراد متعلقه.

إيضاح التعريف:

إننا حينما نقول مثلاً: كل مستطيع يجب عليه الحج، فإن كلمة: كل مستطيع، لفظ عام يدلّ على أن وجوب الحج، وهو الحكم هنا، يشمل جميع أفراد متعلق: "كل"، وهو "مستطيع"، وهم كل فرد من أفراد المستطيع، وذلك لعموم لفظ "مستطيع" لجميع المستطيعين، بسبب دخول كلمة "كل" عليه.

ألفاظ العموم:

إن ألفاظ العموم الدالة عليه هي:

1- لفظة: (كل)، نحو: "كل نفس ذائقة الموت".

2- ما في معنى (كل)، أمثال: جميع، وعامة، وكافة، وتمام، وأيّ، ودائماً.

3- وقوع النكرة في سياق النفي، نحو: لا شريك لله تعالى.

4- وقوع النكرة في سياق النهي، نحو: لا تشتم أحداً.

5- الجمع المعرف بأل، نحو: احترم العلماء.

6- المفرد المعرف بأل، نحو: احترم المؤمن.

تعريف الخاص:

الخاص: هو اللفظ الذي لا يدل على الشمول لجميع أفراد متعلقة.

إيضاح التعريف:

إننا حينما نقول: كل مستطيع يجب عليه الحج إلا العاجز، فإن "كل مستطيع" هنا، وهو اللفظ العام، لا يدل على شمول الحكم، وهو وجوب الحج لجميع المستطيعين، وذلك لتخصيصه بعبارة "إلا العاجز"، وإنما يدل على شمول الحكم لبعض المستطيعين، وهم غير العاجزين.