Créer un site internet

Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

الكونية و الخصوصية من منظور إسلامي

كتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آدابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتاب

المسألة الثانية الثلاثي الأوّل: التوحيد و الكونية

مفهوم الكونية- أسسها و أهدافها- الكونية و الخصوصية

في تعريف الكونية

الكونية من منظور إسلامي  نزعة إنسانية توجه التفاعل بين الحضارات، والتعاون والتكامل والتعارف بين مختلف الأمم والشعوب ، الكونية انفتاح على العالم، وإقرار بتباين الثقافات والحضارات ،  الكونية طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي، الكونية طريق الأنا للتعامل مع الآخر، الكونية  تجاوز للأطر القومية والحدودية  و هي تفتح على ما هو عالمي و كوني، الكونية هي الفضاء المشترك الذي يحمل القيم المشتركة التي تُوحّد البشر رغم تنوّع  و اختلاف خصوصيّاتهم فالعدالة و الحرية و المساواة و حقوق الإنسان هي مطلب إنساني               من أسس الكونية من منظور قرآني التآخي الإنساني فالعديد من الآيات  تحض على تعارف والتلاقي بين بني البشر مثل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

تُراهن الكونية على وحدة القيم الانسانية المُشتركة و على تنوّع الثقافات  و الخصوصياتّ تقوم الكونية على المساواة والنّدية بين مختلف الشعوب .تفترض الكونية  قدرا من التسامح و اعترافا بالمغايرة الحضارية و الثقافية و تفترض الكونية أيضا تأصيل الحوار و التواصل لترسيخ الرغبة في التعايش السلمي بين الناس و الخصوصيات 

اسئلة تطرح في مسألة الكونية في علاقتها بالخصوصية من أبرزها كيف يمكن أن نتحدث عن كونية في واقع اختلاف الأفراد واختلاف الثقافات؟

هل يمكن تحقيق الكونية دون إدانة الخصوصية ودون الوقوع في فخّ الإقصاء ؟

لم يكن الإسلام يوماً للعرب، ولم يكن القرآن يوماً لقريش فهو يخاطب الناس كافة، يخاطبهم بمبدأ واحد، ويطلب منهم الانتهاء إلى هدف واحد، هو إخلاص العبودية لله، والخروج من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد .الرسالة المحمدية الخاتمة ليست إعلاناً لتحرير الإنسان العربي ! وليس رسالة خاصة بالعرب ! إن موضوعها هو الإنسان.. أي إنسان.. إن الله هو -  رب العالمين .فى التصوّر الإسلامي خلق الإنسان لوظيفة الاستخلاف المتمثلة في عمارة الأرض ، ولا يمكن أن يتم البناء الحضاري  إلا بنشر السلم وقيمه، وبالتعاون البناء بين الناس، وبالتكامل فى جميع جوانب العيش و هذا ما يساعد على تجسيد مفهوم الكونية في الواقع المعيش للبشر.لا بد من الانتباه إلى أهمية التمييز بين مفهوم الدين ومفهوم التدين. ينتمي تديننا للتاريخ أكثر من انتمائه للوحي. لقد أُعيدت كتابة كثيرٍ من العلوم الاجتماعية استنادًا إلى تحليل طريقة اختراق الثقافة لميادين أخرى لم تكن قد طالتها بالعمق نفسه في السابق. والسؤال المركزي في دراسة العولمة الثقافية اليوم هو: في أيِّ اتجاه تتدفَّق المعرفة والثقافة؟ هل تتحرك من العالمي إلى المحلي، أم من المحلي إلى العالمي؟ أم إن المسألة أكثر تعقيدًا وتعدُّدًا؟

الهوية و الخصوصية

ما تعريف الهوية؟ و ما الفرق بين الخصوصية الفردية و الخصوصية الجماعية؟ كيف يمكن أن نحقق الكونية مع المحافظة على الهوية و الخصوصية الثقافية    و دون الوقوع  في مشكل الانبتات و الاستلاب ؟  ما السبيل للمحافظة على الهوية دون الوقوع في المركزية الثقافية ؟    كيف يمكن يتحقّق التواصل بين مختلف المجتمعات البشرية ضمن شروط أخلاقية تراعي الخصوصية ؟

من أكثر المسائل التي تثير جدلًا في عصر الثورة المعلوماتية  مسألةُ الهوية والثقافة و الكونية والعولمة وما تطرحه من تحدياتٍ مفتوحة على الشعوب والأُمم. لا وجود لمجتمع ليست له مشكلة هوية  فسؤال الهوية حاضر و باستمرار في كل مراحل وجود المجتمعات بصرف النظر عن طبيعة وخصوصية المرحلة . الهوية  أو الخصوصية هي مجموع العوامل التي تمنح الإنسان، بصفته الفردية، والمجتمع بصفته مجموعة روابط ، الشعور بالوجود والانتماء والمصير المشترك. تعني الخصوصيّة التفرّد و التميّز وهي جملة الصّفات و الخصائص الماديّة و المعنويّة التي تخصّ مجموعة بشريّة لتكون عنوان اختلافها و تميّزها عن بقيّة الخصوصيّات

ما يجعل الإنسان موجودا هو ما يميزه عن غيره، وما يجعل غيره موجودا هو ما يميزه عنه؛ فالتميز هو هويتنا، ووجودنا هو تميزنا

تقسم الخصوصية إلى خصوصية فردية و خصوصية جماعية

الخصوصية الفردية هي كلّ الصفات التي ينفرد بها كائن ما وتميّزه عن غيره

و بذلك تكون له  هويته الفردية

الخصوصية الفردية هي جملة الصفات المادية والمعنوية الذاتية التي تسمح للإنسان كفرد بأن يقول أنا

الخصوصية الجماعية و تتمثل في  الهوية الثقافية وهي أنظمة العيش والتفكير المشتركة بين أفراد جماعة ما وتسمح لهم بقول نحن

تشمل الخصوصية الجماعية العادات والعقائد والرموز الدينية واللغوية والفنّية والماضي المشترك،وهي ما ينتج عنها اختلاف و تنوع الجماعات البشرية  المحتوى الأخلاقي والفكري للخصوصية الثقافية هو  الذي يحدد سلوك الفرد في مجموعة سكانية معينة.الخصوصية هي حصيلة كل العناصر التي تميز مجتمع بعينه عن غيره من المجتمعات ويعطيه سمة متميزة وملامح مغايرة تشكل غيرية وذاتية هما قوام الهوية الثقافية والحضارية لذلك المجتمع ومن صلب هذه الهوية أو الخصوصية تستمد كل جماعة وجودها الخاص

إنسان القرن الواحد و العشرين  يعيش في واقعٍ له سماتٌ جديدةٌ؛ من أهمِّهَا: انتهاكُ الخصوصيَّة، سواءٌ بحقٍّ أو بغير حقٍّ فقد ساعد التقدم التِّقَني على اختراق خصوصيَّة الإنسان ، للحَدِّ الذي أصبح فيه الإنسانُ في العصر الحديث كائنًا معلوماتيًّا، الإنسان اليوم دائمًا مرصودٌ من آلاتِ تصويرٍ مثبَّتةٍ في الشوارع والمتاجر والمؤسَّسَات كما أن الدول و المجتمعات مرصودة بالأقمار الصناعية و غيرها من التقنيات الحديثة 

في ثورة الاتصالات المعاصرة التي جعلت من العالم قرية كونية صغيرة تنامى الخوف  و خاصة لدى الشعوب المستضعفة على خصوصياتها الثقافية و هذا ما دفع مثقفيها إلى طرح الكثير  من التساؤلات حول الهوية و خلاصة الإجابة عن تلك التساؤلات أن الثقافات المحلية مطالبة بتطوير آلياتها و تنقية تراثها لمواجهة السيطرة الثقافية كما أن  الحوار مع الآخر ضرورة و ليس خيارا كما أن الانعزالية و التقوقع لن يفيدا

الهروب إلى الوراء سعيا وراء "النموذج المثال"، أو رغبة في الصدام مع الآخر المغاير و المخالف على أرضية الخصوصية الثقافية و الهوية و العقيدة لن يفيد الإسلام و لا المسلمين       

                                                                   

الإسلام و التنوّع الثقافي

يحتاج الإبداع الثقافي المحافظة على الهويّات و الخصوصيات فبتلاقح الأفكار المختلفة و تبادل التجارب الإنسانية المتعدّدة يؤسّس و يُبني الكوني

الخصوصية الثقافية لأي مجتمع ليست امتيازاً ولا اختياراً فكما أن الفرد لا يختار أبويه ولا زمن ولادته ولا أين يولد ولا في أية بيئة ينشأ فكذلك المجتمع لا يختار ثقافته التي هي خريطته النفسية والتي بها يَتَشَكَّل عقله الجمعي ووجدانه وأخلاقه وقيمه واهتماماته

الهوية هي الاعتراف بالآخر كوجود؛ فكل مجموعة بشرية تحتاج لغيرها من المجموعات البشرية

كل مجتمع إنساني ينشد إلى المجتمعات المغايرة له كلما انشد نحو ذاته، لأنه لا تعرف نفسه إلا ضمن هذه العلاقة بالآخر المغاير و المخالف، وبمعزل عن الآخر المغاير و المخالف لا معنى للهوية

دخلت مجتمعات كثيرة الإسلام  من الصين شرقا إلى الأندلس غربا، وما قضى الإسلام على لا على خصوصيات و لا المقومات الثقافية لأي مجتمع من هذه  المجتمعات

روى البخاري في صحيحه بسنده إلى هشام بن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله (صلى الله عليه وسلم): ماكان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو

في رواية شريك أنه صلى الله عليه و سلم قال لعائشة : فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني؟ قلت: تقول ماذا؟ قال: تقول: أتيناكم أتيناكم ولولا الذهب الأحمـر ولـولا الحنطة السمرا فحيانا وحياكم رما حلت بواديكم، مـا سمنــت عذاريكم

عائشة سارت على عادة القرشيين المهاجرين، فأشار عليها النبي (صلى الله عليه وسلم) أن تجري على عادة الأنصار في الاحتفال بأعراسهم. مما يشير إلى مبدأ من مبادئ التعامل بين المسلمين وبين من يتصلون بهم: أن تحترم ثقافة الشعوب

"لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ" الممتحنة/8 ، 9. السياق القرآني أن التوجيهات الإلهية للمسلمين تشير مباشرة إلى عدم الاعتداء على الآخر بسبب دينه أو عرقه أو لونه، ولا مجال للظلم والعدوان أساسا.