Créer un site internet

Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

الإبداع في المنظور الإسلامي

 يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم ( تخلقوا بأخلاق الله ) و قال الإمام الغزالي "فإن كمال العبد وسعادته التخلق بأخلاق الله تعالى، والتحلي بمعاني صفاته، وأسمائه، بقدر ما يتصور في حقه ) فالمسلم  بحكم إيمانه مدعو إلى التخلق بأخلاق الله، ومطلوب منه أن يسعى قدر الطاقة كي يتحلى بمعاني أسماء الله الحسنى و من صفات الله التي على المسلم الاتصاف بها المبدع،  جاء في الحديث الشريف: "إن الله جميل يحب الجمال" فالمسلم مدعو إلى الاتصال بالجمال عبر الفعل الهادف المبتكر المتجدد. إنَّ الإبداعَ الحقيقيَّ هُوَ الذي يسبق بالتفكيرِ البناء الذي لا يخرج عن التعاليم الإلهية .  إن الإبداع في النظرة الإسلامية  لا بد له أن يحقق هدفًا، ويسهم في حل مشكلة، وأن يدعم المنتج الإبداعي القيم الإنسانية التي أكدت عليها التعاليم الإلهية  وإلا صار إبداعًا شيطانيًا، أو قوة هائلة بلا قلب ولا عقل، وهو ما تعاني منه كثير من المجتمعات الحديثة التي تنتج أفكارًا جديدة ومنتجات عظيمة القوة، لكنها تسخر ضد كل قيمة سامية من قيم الإنسانية. إن الإبداع في التصور الإسلامي لا بد أن يرتبط  بعقائد المجتمع ومنظومة القيم لديه، فلا يتضمن هذا الإبداع ازدراء بالأديان، أو خروجًا على القانون.لقد  كان الدين في الحضارية الإسلامية هو الطاقة التي أثمرت ضمن ثمراتها الإبداع في كل ميادين العلوم والفنون والآداب، شرعية وعقلية وتجريبية، كما كان الدين الإسلامي هو الدافع للتفتح على الثقافات و الحضارات الأخرى المغايرة و المخالفة  القديمة منها والحديثة  وإحيائها وغربلتها وعرضها على معايير الإسلام .إن الإبداع في الإسلام يأبى التقليد الأعمى للآخر و لو كان من الآباء و الأجداد بل هو ينطلق من رؤية إسلامية أصيلة تستلهم مما ورد في القرآن الكريم و من السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة و التسليم ،ورد في صحيح مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا الشعراء إلى المنافحة عن الإسلام، فأنشده عبد الله بن رواحة فلم يُرْضِ، وأنشد كعب بن مالك فلم يُرْضِ، ثم بعث إلى حسان ودعا له وقال: «إن روح القدس -يعني جبريل عليه السلام- يؤيدك»، لقد اختار رسول الله صلى الله عليه و سلم  حسان بن ثابت وفضله على صاحبيه، مع ما نعلم من حبه -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك لأن  حسان بن ثابت كان فحلا من فحول الشعراء، فقد كان  من الشعراء البارزين في سوق عكاظ، وقصصه في التنافس مع فحول الشعراء معروفة حتى قال ابن سلام الجمحي في طبقات فحول الشعراء أن حسان بن ثابت يعد أشعر أهل القرى؛ يعني بذلك مكة والمدينة والطائف، وشعر حسان بن ثابت دليل على قدرته الإبداعية .نلاحظ إذن أن اختيار  الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحسان بن ثابت لم يكن اختيارًا عشوائيًا، وإنما كان مبنيًا على تشجيعه صلى الله عليه و سلم  الإبداع و اعتماده على المبدعين في كل المجالات . لقد اختار رسول الله حسان بن ثابت لأنه شاعر فحل قادر على تصريف الكلام وصياغته بأسلوب فني رفيع فيه تجديد و ابتكار. يمتلك المسلمون منظومة قيم متكاملة تستند إلى الوحي الإلهي الذي عالج جوهر الإنسان و قوَّم الواقع البشري اعتمادا على منظومة قيم كان الهدف منها تحقيق العدل و تجسيم الرحمة بين كل البشر. لذلك كانت القيم التي دعا إليها الإسلام تشمل الحياة كلها و تتجاوز النفعية المادية الظرفية الضيقة و ينبني عليها الجزاء الأخروي 

من القيم التي تفعل الإبداع و العملية الإبداعية في الإسلام  :

1 - القيم الاعتقادية والتعبدية:  هذه القيم تساهم في ترسيخ مفهوم العبودية لله سبحانه و تعالى و هي ترسيخ لوظيفة الاستخلاف التي خلق لها الإنسان.  و ما يميز المنظور الإسلامي للقيم على سائر المنظومات الأخرى ترسيخه لمفهوم العبودية والاستخلاف في مرحلة أولى لقد قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة في ترسيخ قيم العقيدة في نفوس أتباعه  لأنها الأساس الذي ستُبنى عليه باقي مكونات منظومة القيم الحضارية للأمة الإسلامية لقد تميزت منظومة القيم الإسلامية بربط الإنسان بربه المبدع المصور   

2 - القيم العلمية والمعرفية : و هذه القيم هي التي تنظم تصورات الإنسان للكون والحياة والمصير، مما يجعل عمل و نشاط المؤمن  على بينة و هذه القيم العلمية و المعرفية  هي مناط التكليف والاستخلاف في الأرض، فإذا انفصل الإنسان عنها أفسد في الأرض وأهلك الحرث والنسل و خالف بذلك تعاليم ربه. قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ﴾(آل عمران190)

 3 - القيم الاجتماعية :  فمن القيم الاجتماعية التي دعا إليها الإسلام نذكر قيم الاحترام والتوقير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتناصح وحب الخير للناس، والتضحية من أجل الصالح العام، والإحسان والتكافل والتآزر في السراء و الضراء. إن الإبداع في الإسلام بدأ من أول كلمة أنزلت من القرآن الكريم ،كلمة( إقرأ ) و هي شعار الإسلام  فبالعلم و المعرفة و بإعمال العقل و بالإخلاص في العمل لحسن أداء وظيفة الاستخلاف يبدع المؤمن في كل مجالات الحياة رغبة في طاعة خالقه و أملا في الفوز بالدارين                                                                         

إن المتمعن في واقع المسلمين المعاصر يلاحظ بُعْد المسلمين عن العمل بتعاليم خالقهم الداعية إلى طلب العلم و المعرفة و اكتشاف السنن الإلهية التي تحكم الكون و الإنسان لتحقيق الإبداع الذي بدونه لا يمكن النجاح في أداء وظيفة الاستخلاف و الذي بدونه لا يمكن الأخذ بزمام الحضارة الإنسانية و لعل من الطرائف التي تروى للتندر  و تعبر عن مدى بعد المسلمين المعاصرين عن الأخذ بأسباب الإبداع  طُرفةً تقول : باع ثلاثة رجال عقولهم , العقل الأمريكي –مثلاً-ب 10 ألاف دولار . والألماني _مثلاً_ ب 20 الف دولار , والياباني ب 30 ألف دولار, والعربي ب 100 ألف دولار , فقيل للعربي : على إيش عقلك ب 100 ألف دولار ؟ ليش ؟ إذا اليابني والألماني والأمريكي ما وصلنش لهذا المستوى ! انت ليش عقلك ب 100 الف شو كاين هو ؟ فقال العربي :
أنا عقلي بعده مثل ما أعطاني إياه ربنا , من يوم ما خلقني ما استعملتهوش على الإطلاق , أما الأمريكي فمستعمل جداً والياباني هلكان من كثر التفكير والألماني تعبان أيضاً من شدة التفكير , بس أنا عقلي ما بستعمله ما بفكر فيه  عشان هيك عقلي سعره غالي  
                                                                                   

إن الحرية المطلقة في العملية الإبداعية فساد مطلق، فالإنسان حر في دائرة من القيم الإنسانية التي ترشد الإبداع حتى لا ينقلب إلى عامل تدمير و إفساد للحرث و النسل ، إن الحرية الإبداعية تعني المسؤولية والالتزام. إن المُبدع المسلم خاضع لحساب الضمير ولحساب المجتمع فى الدنيا، وخاضع لحساب الله تعالى فى الدنيا والآخرة وحريته تكون فى إطار المنهج الإلهى. الإبداع في الإسلام يرتبط بالمسئولية النابعة من صميم الإسلام، على عكس الفلسفات الغربية التى لا تلتزم بمنظومة القيم. إن  الحرية الحقيقية هي الحرية التي تتبعها المسئولية النابعة من ضمير الفرد ومن قيم المجتمع على السواء.

 

الإبداع فيالمنظور الإسلامي اضغط على الرابط للطبعالإبداع في المنظور الإسلامي اضغط على الرابط للطبعأنقر هنا