Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

حلف الفضول

 

أنقر هناكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

حلف الفضول

حلف الفضول

 

الورشة الأولى : وضع الوثيقة في سياقها التاريخي و الاجتماعي

قال ابن هشام : حدثني زياد بن عبد الله البكائى عن إسحاق قال تداعت قبائل قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي ، لشرفه و سنه . فكان حلفهم عنده بنو هاشم ، و بنو المطلب ، و أسد بن عبد العزى ، و زهرة بن كلاب ، و تميم بن مرة فتعاقدوا و تعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها و غيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه و كانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول

يعنى حلف الفضول أي حلف الفضائل و الفضول هنا جمع فضل للكثرة و قال القتبي سمي بحلف الفضول لأنه قد سبق قريشا إلى مثل هذا الحلف جرهم في الزمن الأول فتحالفت منهم ثلاثة هم ومن تبعهم أحدهم الفضل بن فضالة ، و الثاني ، الفضل بن وداعة ، و الثالث فيصل بن الحارث ، و قال الزبير أسماء غير هذه الفضيل بن شراعة و الفضل بن وداعة و الفضل بن قضاعة و هذا لايهم بل الذي يهمنا هنا هو لما أشبه حلف قريش الحلف الآخر للجرهميين سمي حلف الفضول و الفضول جمع فضل و هي أسماء أولئك الذين تقدم ذكرهم و ليس حلف الفضول هو أول حلف لقريش التي تحالفت قبله العديد من الأحلاف نذكر على سبيل الذكر لا الحصر حلف الحمية و المنعة و حلف المطيبون الذين تحالفوا على عدم تسليم الكعبة و تحالف اللعقة ( لعقة الدم ) على أن يمنع بعضهم بعضا و يعقل بعضهم عن بعض . كانت قرش تظلم في الحرم الغريب و من لا عشيرة له حتي أتى رجل من بني أسد بن خزيمة بتجارة فاشتراها رجل من بنى سهم فأخذها السهمي و أبى أن يعطيه الثمن فكلم قريشا و استجار بها و سألها إعانته و من الشعره الذي يروى فيى هذه الحادثة : يا آل فهر لمظلوم بضاعته *** ببطن مكة ناني الدار و النفر *** و محرم أشعث لم يقض عمرته *** يا للرجال و بين الحجر و الحجر *** إن الحرام لمن تمت كرامته *** و لا حرام لثوب الفاجر الغدر 

عند سماع هذه ا فتعاقدوا و تعاهدوا بالله ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدى إليه حقه ما بل بحر صوفه و ما رسا حراء و ثبير مكانها و على التأسي في المعاش فسمت قريشلإستغاثة قام الزبير بن عند المطلب و قال ما لهذا مترك فاجتمعت هاشم و زهرة و تميم بن مرة في دار جدعان فصنع لهم طعاما و تحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام قياما ذلك الحلف حلف الفضول و قالوا : لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر ثم مشوا إلى العاصى بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزيدي فدفعوها إليه و قال الزبير بن عبد المطلب في هذه الحادثة هذه الأبيات : إن الفضول تحالفوا ،و تعاقدوا *** ألا يقيم ببطن مكة ظالم *** أمر عليه تعاهدوا ، و تعاقدوا *** فالجار و المعتمر فيهم سالم 

مبادئ حلف الفضول : 1-نصرة المظلوم أيا كان بغض النظر عن دينه و عشيرته و مذهبه و قوميته و دينه حتي يصل إلى حقه . 2- مقاومة الظلم و الطغيان و الدفاع عن الحق المضيع . 3- الاهتمام بالغير و مشاركتهم همومهم و الوقوف معهم لاسترجاع حقوقهم. 4 - حماية الكعبة الشريفة ممن يريدون بها شرا.لم تكن هذه المبادئ الإنسانية التى أكد عليها حلف الفضول من أخوة  و تآزر و تضامن و تعاون و تكافل اجتماعي و خاصة من نصرة و إغاثة للمظلوم و المضطهد مجرد شعارات واهية فقد كان لحلف الفضول أدوار بالغة الأهمية إذ كان هو الفيصل وصاحب الكلمة القاطعة بعد أن عمل عاقدوه على إعمال نصوصه

  

الورشة الثانية : النص التأسيسي يؤكد على ما جاء في حلف الفضول

المتتبع للآيات القرآنية و للأحاديث النبوية سيجد الكثير منها يؤكد على المبادئ التي أبرم من أجلها حلف الفضول و هذا ما دفع الرسول محمد صلى الله عليه و سلم يقول بعد بعثته (  لقد شهدت في دار ابن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم و لو أدعى به في الإسلام لأجبت ) و في هذه الورشة سنورد بعض الآيات القرآنية ثم بعض الأحاديث النبوية التي دعت و أمرت بالعدل و الأخوة و بمناصرة المظلوم و بالتعاون و التكافل قال الله تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذى القربى و يتهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعضكم لعلكم تذكرون ) النحل 90 لقد أمر الله في هذه الآية بالعدل و بالإحسان كما نهى عن العدوان كما أمر بحفاظ  كرامة الإنسان و نفسه و ماله و عرضه و جعل الإسلام من مهام  المجتمع الإسلامي و المسلم  تحقيق العدل و حفظ الأمنو قد عرف حسين مخلوف  العدل  بالاعتدال و التوسط في الأمور اعتقادا و عملا و قال الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن العدل هو المساواة في المكافأة إن خيرا فخيرا و إن شرا فشرا أما الإحسان فقدعرف بإتقان العمل أونفع الخلق و الإحسان على وجهين إحداهما الإنعام على الغير يقال أحسن فلان إلى فلان و الثاني إحسان في فعله و ذلك إذا علم علما حسنا أو عمل عملا حسنا و الإحسان فوق العدل و ذاك أن يعطى أكثر مما عليه و يأخذ أقل مما له أو أن يقابل الخير بأكثر منه و الشر بأقل منه كما قال الراغب الأصفهاني   قال الله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) قال تعالى : ( و إن طائفتان من الؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين ) لقد انتشر الإسلام في كل أرجاء المعمورة بمفاهيمه الإنسانية و نصرته للطبقات الضعيفة و المظالم الإنسانية و لوقوفه مدافعا عن حقوق الإنسان المختلفة في شمولها و كونيتها قال الله تعالى : ( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات13  قال تعالى ( يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)  جاءت السنة النبوية مؤكدة لما جاء في القرآن الكريم من دعوة للعدل و نهي عن الظلم فعن جابر رضي الله عنه أن رسول اللهصلى الله عليه و سلم قال : ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة و اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن يسفكوا دماءهم و استحلوا محارمهم )رواه مسلم و عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ) رواه مسلم و عن أبي حميد عبد الرحمن بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : استعمل النبي رجلا من الأزد يقال له : ابن اللتية على الصدقة ، فلما قدم قال : هذا لكم ، و هذا أهدي إلي ، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر ، فحمد الله وأثني عليه ، ثم قال ( أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله ، فيأتي فيقول : هذا لكم ، و هذا هدية أهديت إلي ، أفلا جلس في بيت أبيه و أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا ، و الله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يحمله يوم القيامة ، فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تعير ) ثم رفع يديه حتى رؤي إبطيه فقال ( اللهم هل بلغت ) ثلاثا متفق عليه و عن معاذ رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ( إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، و أني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم و ليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فإياك و كرائم أموالهم . و اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها و بين الله حجاب ) متفق عليه . إن إقرار الرسول على حلف الفضول دعوة للمسلمين إلى الإشتراك في العمل الجمعياتي و في المنظمات الحكومية و غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان و لنشر القيم و المبادئ الإنسانية.قال صلى الله عليه و سلم : بالعدل قامت السماوات و الأرض و قال أيضا الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى )هذا قليل من كثير من نصوص قرآنية و حديثية تؤكد على ما جاء في حلف الفضول الذي عقد و الرسول حينها لم يتجاوز 20 سنة

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون ما المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)  صحيح مسلم

حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الإعانة على الظلم بقوله  ( وَمَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) - سنن ابي داود-  وفي رواية أخرى (مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ) -  سنن ابن ماجة-

 يَقُولُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ ) - سنن أبي داود-

 يحذر الله تعالى من ترك الظالمين وشأنّهم لأنّ العقوبة إذا نزلت شملت الجميع بقوله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )الأنفال، 25-

 حرم الله سبحانه على الإنسان أن يدعوا على الآخرين بسوء، إلا في حال وقوع الظلم عليه. قال تعالى: ( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ) (النساء، 148) قيل في تفسير الآية: لا يحب الله تعالى أن يجْهر أحدُنا بالدعاء على أحد، إلا من ظلم فيدعو على ظالمه، فإن الله جل ثناؤه لا يكره له ذلك، لأنه قد رخص له في ذلك. وهذا ما فعله موسى عليه السلام قال تعالى : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)  (آل عمران، 88). ولما اشتد أذى القوم وإنكارهم لدعوة نوح عليه السلام دعا ربه قائلاً : (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ) نوح، 26-27

 نهانا الله تعالى عن مناصرة الظالمين أو الركون إليهم بقوله تعالى:( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ) (هود، 113) وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم مَا الْعَصَبِيَّةُ (قَالَ أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ) - سنن ابي داوود

 ألفاظ (الظلم) في القرآن

 من الألفاظ القرآنية التي تحرم الظلم و تذمه و تنكره و تذمه نذكر الألفاظ التالية : (الظلم)، و (الجور)، و(الرهق)، و(الهضم)، و(الضيزى)، القاسم المشترك الذي يجمع كل هذه الألفاظ ، إنكار عمل غير مناسب شرعاً أو عرفاً أو عادة

 الظلم: و هو لغة وضع الشيء في غير موضعه، إما بنقصان أو بزيادة، وإما بعدول عن وقته أو مكانه و قد استعمل القرآن الكريم فعل ظلم و مشتقاته للدلالة على أمرين: أحدهما: وصف كل عمل لا يوافق ما أمر الله به ورسوله بأنه ظلم؛ لأنه خروج وإعراض عن أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه   و سلم ؛ ويكون ذلك إما بظلم الإنسان لنفسه، كتركه للأوامر، وإتيانه للنواهي؛ وإما بظلمه لغيره، كأكله أموال الناس بالباطل
ثانيهما: دعوة القرآن الكريم المسلم إلى تجنب الظلم ومحاربته؛ لأن الظلم ليس من صفات المؤمن الحق

 جور: و الجور لغة العدول عن الطريق، يقال: جار جوراً، إذا مال عن الجادة؛ ثم جُعل ذلك أصلاً في كل عدول عن الحق؛ فقالوا: جار القاضي في حكمه: إذا فارق جادة الاستقامة، ومال إلى أحد الطرفين

رهق: ورد هذا اللفظ في عشرة  مواضع من القرآن الكريم و يدل هذا الفعل لغة على أمرين: أحدهما: غشيان شيء لآخر؛ يقال: رهقه الأمر: إذا غشيه بقهر، وأرهق القوم الصلاة: إذا أخروها عن وقتها، حتى يقترب وقت الصلاة الأخرى؛ ورهقه: دنا منه، وصبي مراهق: قارب البلوغ؛ ويقال: رجل فيه رَهَقٌ: إذا كان يخف إلى الشر ويغشاه.  ثانيهما: العجلة والظلم. قال تعالى: ( فلا يخاف بخسا ولا رهقا  ) أي: لا يخاف نقصاً في عمله وثوابه، ولا ظلماً ومكروهاً يغشاه

  ضيز يدل هذا اللفظ لغة على المنع والنقص؛ قال الكسائي: يقال: ضاز يضيز ضيزاً: إذا ظلم، وتعدى، وبخس، وانتقص. لم يرد هذا اللفظ في القرآن الكريم إلا مرة واحدة، وذلك قوله تعالى: ( تلك إذا قسمة ضيزى ) النجم:  22وقد ذكر في تفسيرها  قسمة جائرة، قاله قتادة

                                   إذا تأملنا كل هذه الألفاظ نجد أن ثمة معنى مشتركاً يجمع بينها، وهو عدم القيام بالأعمال على الوجه المطلوب، ومنافاتها لمنطق العدل، ومجانبتها لمبدأ الصواب 

يمكن حصر أنواع الظلم التي حرمها الإسلام في ثلاثة أنواع:

أولها الشرك وهو أعظمه لأنه متعلق بالتوحيد، ولا يُغفر إذا مات قبل التوبة. وثانيها ظلم الإنسان لنفسه. وثالثها ظلم الإنسان للإنسان 

التوبة من الظلم: باب التوبة لا يوصد دون أحد، ورحمة الله تعالى وسعت كل شيء قال تعالى : (  قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)  (الزمر،53) قال تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (النساء،110- وقال أيضا ( فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة، 39 و قال جل من قائل : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران، 135-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ. إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ)  صحيح البخاري

 

الورشة الثالثة : أحداث من التاريخ الإسلامي توافق روح حلف الفضول   

   قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) و قد جسم عمر في خلافته مبدأ العدل خير تجسيم لذلك سنورد بعض  الأحداث التاريخيه  من خلافة عمر رضي الله عنه تبرز تمسك المسلمين الأوائل بمبدأ العدل الذي أكدت عليه النصوص الـأسيسية كما أكدت عليه وثيقة حلف الفضول . خرج جبلة بن الأيهم يطوف بالكعبة و كان من أمراء الغساسنة فحدث أن وطئ على إزاره رجل من بني فزارة فلطمه الأمير فهشم أنفه فشكاه الرجل إلى عمر بن الخطاب فبعث عمر للأمير يسأله في ذلك فأجابه أنه ترفق بالرجل فلم يفعل به أكثر مما فعل فقال عمر للأمير إما أن تسترضي الرجل وإلا أقدته منك أي أخذت حقه منك فصعق الأمير فقال له عمر ( إن الإسلام قد سوى بينك و بين هذا الرجل ) و في عهد عمر بن الخطاب أيضا تنازع علي بن أبي طالب على سيف مع يهودي ، كل منهما يدعي السيف له و اختصم إلى أمير المؤمنين عمر و كان قاضى المسلمين آنذاك فقال سيدنا عمر لسيدنا علي قف إلى جوار خصمك يا أبا الحسن فغضب سيدنا علي غضبا شديدا حتى بان أثر الغضب في وجهه فقال له عمر ما الذى يغضبك يا أبا الحسن قال أغضبني أنك ميزتنى على خصمى و كنيتنى بأبي الحسن ، و أنا و هو سواء و لا ميزة لأحدنا على الآخر حتى و إن اختلفنا في الدين فما كان من اليهودي إلا أن قال إلى هذا الحد يأمركم دينكم و الله إنكم لخير الماس خلقا و إن دينكم لهو الدين السمح الكريم و إنكم لعلى الحق المبين و إني لأشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله أما السيف فهو لك يا علي و اعتنق اليهودي الإسلام و صار من أعظم المسلمين شأنا

 من المواقف التي تدلل على عدل الإسلام و نبي الإسلام  قصة الصحابيأسامة بن زيد - مع المرأة المخزومية وكان أسامة بن زيد  مقربا جدا من النبي صلى الله عليه و سلم إذ كان النبي يأخذه فيقعده على فخذه، ويقعد الحسن و الحسين على فخذه اليسرى، ثم يضمهم و يقول صلى الله عليه و سلم  : (اللهم إنّي أرحمهما فارحمهما )  وفي رواية : (  اللهم أنّي أحبهما فأحبهما  ) ، حاول أسامة بن زيد ذات يوم أن يتوسَّط لامرأة من قبيلة بني مخزوم و كانت ذات حسب و نسب؛ كي لا تُقطَعَ يَدُها في جريمة سرقة، فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم غضبًا شديدًا و خطب خطبة  فكان ممَّا قاله فيها صلى الله عليه و سلم: (إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْـحَدَّ، وَايْمُ اللهِ! لَوْ أَنَّ ‏‏فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ‏سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا

 روى الإمام أحمد بن حنبل عن جابلا بن عبد -رضي الله عنهما- أنه قال: أفاء الله خيبر على رسول الله ، فأقرَّهم رسول الله كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم؛ فبعث عبد الله بن رواحة  فخرصهاعليهم - خَرَصَ النَّخْلَ وَالْكَرْمَ : قَدَّرَ تَقْدِيراً جِزَافِيّاً مَا عَلَيْهِ مِنَ التَّمْرِ وَمِنَ الْعِنَبِ - ثم قال لهم: "يا معشر اليهود، أنتم أبغض الخَلْقِ إليَّ، قتلتم أنبياء الله ، وَكَذَبْتُمْ على الله، وليس يحملني بغضي إيَّاكم على أن أحيف عليكم؛ قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم فلكم،وإن أبيتم فَلِي". فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض، قد أخذنا. فرغم بُغض عبد الله بن رواحة  لليهود فإن ذلك لم يمنعه من العدل في القسمة و اجتناب الظلم و الحيف عملا بمبادئ الإسلام السمحة ، و خيرهم  الأخذ من أي القسمين من التمرشاؤوا

 رُوى أن أسيد بن خضير – رضي الله عنه – كان رجلاً صالحاً ضاحكاً مليحاً ، فبينما هو عند رسول الله ، يحدث القوم ويضحكهم ، طعن رسول الله في خاصرته ، فقال أسيد بن خضيرلرسول الله صلى الله عليه و سلم : أوجعتني. قال صلى الله عليه و سلم:  ( اقتص)  قال أسيد بن خضير: يا رسول الله إن عليك قميصاً ، ولم يكن عليّ قميص. قال أسيد بن خضير: فرفع رسول الله قميصه ، فاحتضنته ، ثم جعلت أقبل كشحه قائلا: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، أردت هذا

 أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ثاني الخلفاء الراشدين لم تزد قيمة شهادته على شهادة غيره من الناس لمجرد كونه أميراً. فقد روي عنه أنه كان يمر ليلاً على عادته –  ليتفقد أحوال رعيته، فرأى رجلاً وامرأة على فاحشة، وجمع الناس وخطب فيهم: ( ما قولكم أيها الناس في رجل وامرأة رآهما أمير المؤمنين على فاحشة؟ فرد عليه عليّ بن أبي طالب: يأتي أمير المؤمنين بأربعة شهداء، أو يجلد حد القذف، شأنه شأن سائر المسلمين. ثم تلا قوله تعالى: ( والذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك هم الفاسقون)ولم يملك أمير المؤمنين إلاّ أن يمسك عن ذكر أسماء الجناة

 نقل ابن كثير عن سلسلة من الرواة تلك الحادثة فقال: «قدم رجل من اراش بإبل له الى مكة، فابتاعها منه ابو جهل بن هشام، فمطله باثمانها، فأقبل الاراشي حتى وقف على نادي قريش، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في ناحية المسجد، فقال: يا معشر قريش من رجل يعديني على ابي الحكم بن هشام، فاني غريب، وابن سبيل، وقد غلبني على حقي، فقال اهل المجلس: ترى ذلك يهمزون به الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما يعلمون ما بينه وبين ابي جهل من العداوة، اذهب إليه، فهو يعديك عليه، فأقبل الاراشي حتى وقف على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فذكر ذلك له، فقام معه فلما رأوه قام معه، قالوا لمن معهم: اتبعه فانظر ما يصنع؟ فخرج إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى جاءه فضرب عليه بابه فقال من هذا؟ قال: محمد، فاخرج فخرج إليه وما في وجهه قطرة دم، وقد امتقع لونه، فقال: اعط هذا الرجل حقه قال: لا يبرح حتى اعطيه الذي له، قال فدخل فخرج اليه بحقه فدفعه اليه ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال للأراشي الحق لشأنك.. فأقبل الاراشي حتى وقف على المجلس، فقال: جزاه الله خيرا، فقد اخذ الذي لي.. «2». ان هذه الحادثة من سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) العملية تكشف عن إنسانية الدعوة ووقوفها الى جنب الانسان المظلوم، واستنقاذ الحق، رغم ان الظالم كان من اعتى طواغيت قريش، ورغم العداوة التي كانت بين الرسول وبين ابي جهل، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعتذر من الرجل لما يعلم من أبي جهل، بل صحبه الى دار ابي جهل، ووقف بكل جرأة وشجاعة، بل وتحد للظالم، يطالبه بحق المظلوم.. والموقف كما يكشف عن مواجهة الظلم والطغيان، فإنه يكشف عن الاهتمام بالآخرين ومشاركتهم بهمومهم والوقوف معهم لاستنقاذ حقوقهم الشخصية.. فالموقف هو دفاع عن حق، ومواجهة لظاهرة عدوانية في المجتمع

 عن ابن إسحاق ما رواه عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قوله : "أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - والوليد يومئذ أمير المدينة أمره عليها عمه معاوية بن أبي سفيان - منازعة في مال كان بينهما بـ ( ذي المروة ) فكأن الوليد تحامل على الحسين في حقه، لسلطانه، فقال له الحسين : أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول. قال : فقال عبد الله بن الزبير - وهو عند الوليد حين قال له الحسين ما قال - : وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا . قال : وبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك، وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك، فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي

 

savt44018ed4cf172.gifحلف الفضول دروس وعبر  savt44018ed4cf172.gif

 من الدروس والعبر المستفادة أيضا من حلف الفضول

-أن يتعاون كل بني البشر من أجل مبادئ و قيم إنسانية عليا كمحاربة الظلم و نصرة المظلوم، وحفظ الحقوق الناس  وصون حرياتهم ونشر مبادئ العدل و المساواة والحرية الكرامة والأخوة و التعاون و الرحمة فهذه القيم والمبادئ هي التي يجب أن يتفق عليها  و يجتمع حولها كل الفضلاء: من إسلاميين وعلمانيين ويساريين ولبراليين فكل هذه القوى و الحساسيات  ينبغي أن تلتحم من أجل تكوين جبهة قوية مقاومة للفساد في الأرض

- جواز التحالف والتعاهد على فعل الخير وهو من قبيل التعاون المأمور به في القرآن الكريم  قال الله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة 2. فالتعاهد على نصرة المظلومين وقمع المقسدين وإعادة الحق الى أصحابه هو مطلب شرعي و إنساني 

-الإسلام يرفض الظلم في كل صوره  جاء في الحديث القدسي (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) رواه مسلم

في شريعةالإسلام يعاقب المسلم إذا ترك نصرة المظلوم  وهو قادر على القيام بها،قال النبي صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايسلمه) رواه مسلم . ومعني لايسلمه : لايتركه للظالم يفعل فيه مايشاء،بل إن الإسلام أباح للمظلوم أن يدافع عن نفسه                                               -في إقرار الرسول صلى الله عليه و سلم حلف الفضول دليل على مشروعيه العمل الجماعي الذي فيه خير للأمه سواء كان ذلك العمل في صورة جمعيات خيرية أو تنظيمات سياسية

 إن حلف الفضول يدعو و يحث المسلم  على الاستفادة من نظم المجتمعات إسلامية كانت أو غير إسلامية   إذا كانت هذه النظم  لا تتصادم و قواعد الإسلام ولا تتعارض مع مبادئه و تحقق مصلحة مشروعة للمجتمع الإسلامي ، لقد أقر النبي محمد  صلى الله عليه وسلم بعد نبوته هذا التحالف القبلي الجاهلي ، كما استفاد صلى الله عليه و سلم من بعض نظم المعمول بها في الجاهلية كنظام الجوار المعروف  في المجتمع القبلي الجاهلي فعندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف دخل في جوار المطعم بن عدي النوفلي و لقد سار الصحابة رضوان الله عليهم على خطى نبيهم صلى الله عليه وسلم فاقتبسوا و استفادوا من أنظمة فارس والروم دون خروج عن مبادئ الإسلام و مقاصده و برز هذا التلاقح و التبادل الحضاري في الدواوين و تنظيم  أمور الدولة وفتح المدارس و تنظيم  الجيوش والاستفادة  من كل ما فيه نفع ومصلحة وخير  للإسلام للمسلمين

الواقعة التي سنختم  بها نشاطنا الإدماجي  و التي تبين أخلاق بني الرحمة محمد صلى الله عليه و سلم التي ساهمت في التفاف الصحابة رضي الله عنهم حوله و ساهمت في دخول الناس في دين الله أفواجا مساهمتها في كسب الأنصار و الحلفاء من غير المسلمين حدثت الواقعة  في مجريات غزوة بني المصطلق وكانت في شهر شعبان من العام السادس للهجرة. سرد الواقعة ابن اسحاق فقال: "فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الماء، وردت واردة الناس، ومع عمر بن الخطاب أجيرٌ له من بني غفار، يقال له: جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني، حليف بني عوف بن الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، فغضب عبد الله بن أبيّ بن سلول، وعنده رهط من قومه فيهم: زيد بن أرقم، غلام حدث، فقال: أو قد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما أعدّنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال الأول: (سمّن كلبك يأكلك)، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. ثمّ أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوّلوا إلى غير داركم.
فسمع ذلك زيد بن أرقم، فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عند فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوّه، فأخبره الخبر، وعنده عمر بن الخطاب، فقال: مُرْ به عبّاد بن بشر فليقتله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكيف يا عمر إذا تحدّث الناس أن محمداً يقتل أصحابه؟ لا ولكن آذن بالرحيل، وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها، فارتحل الناس."
ويكمل ابن اسحاق قائلاً: "حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن عبد الله –
( عبد الله صحابي وهو ابن داعي الفتنة عبد الله بن أبيّ بن سلول)  أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبيّ فيما بلغك عنه، فإن كنت لا بدّ فاعلاً فمُرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبرّ بوالده منّي، وإنّي أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبيّ يمشي في الناس، فأقتله، فأقتل رجلاً مؤمناً بكافرٍ، فأدخل النار؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل تترفّق به، وتحسن صحبته ما بقي معنا.
وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنّفونه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب، حين بلغه ذلك من شأنهم: كيف نرى يا عمر؛ أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله، لأرعدت له آنف،
( آنف: يقال: ما رأيت أحمى أنفاً ولا آنف من فلانٍ: أي أعزّ وأكثر استنكافاً )  لو أمرتُها اليوم بقتله؛ قال: قال عمر: قد والله علمت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري

و خلاصة القول نقول كما قال  نبي الرحمة محمد صلى الله عليه و سلم ( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها)إن الدفاع عن الحق، ونصرة المظلوم مسؤولية يسأل عنها المسلم القادر على القيام بها تجاه المظلومين والمضطهدين، وبغض النظر عن عقيدة المظلوم او لغته او طبقته الاجتماعية أو انتمائه السياسي.ثم إن انتشار الظلم وشيوعه في واقعنا المعاصرسواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات أو الدول يحتم على كل من يرفضه أن يبحث عن أساليب عملية لمواجهته، ومنع حدوثه بحكمة الإسلام و برحمة و هدي نبي الإسلام

اضغط على الرابط للطبع حلف الفضولاضغط على الرابط للطبع حلف الفضول نشاط إدماجيأنقر هنا

          

                                               

 

                     

 

×