Créer un site internet

Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

الكونية في المنظور الإسلامي

أنقر هناكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتاب  كتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب   

 

الكونية من المنظور الإسلامي         

 إعداد الوثيقة : الأستاذ لطفي التلاتلي

  

قال الله تعالى :" وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا و لكن أكثر الناس لا يعلمون "سبأ 28

 من خصائص الرسالة المحمدية عمومها لكل الناس فهي رسالة كونية وعالمية وتعني العالمية كسر القيودوالحدود و تعني أيضا عالما مفتوحا تنتشر فيه قيم مشتركة بين بني البشر. أقر القرآن وحدة الإنسانية في الأصل     والمصدر والهدف والمصير كما توجه الخطاب القرآني إلى كافة البشر دون استثناء أو إقصاء فوظيفة الاستخلاف تستوجب تضافر كل الجهود لتحقيق الهدف من خلق الإنسان ألا وهوتعميرالأرض و بناء صرح الحضارة الإنسانية .

يعد النص التأسيسي منطلق وأساس مفهوم ومعنى الكونية في الإسلام فقد استعمل القرآن  أكثر من تعبير للدلالة على معنى الكونية نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر : للعالمين- كافة للناس- أمتكم أمة واحد ة- يا أيها الناسكرمنا بني آدم - قل لعباديخليفة -

كما أن الأحاديث النبوية أكدت على مفهوم الكونية ففي حديث أصحاب السفينة الذي أكد فيه صلى الله عليه و سلم على المسؤولية الجماعية وضرورة ترابط  المصالح و الوعي بالآخر فقال "فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجو جميعا" رواه البخاري كما قال – صلى الله عليه و سلم - في حديث آخر " يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم  واحد ألا لا  فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى " رواه البيهقي .هكذا نتبين أن منطلق الكونية في الإسلام هو النص التأسيسي الذي أقر وحدة مصدر ومصير كل البشر و دعا إلي التعاون والتضامن وتبادل المصالح والخبرات بين البشر على اختلاف مشاربهم الفكرية وعقائدهم الدينية كما دعا إلى التناصح والاحترام المتبادل ونهى عن الإقصاء والتهميش .

تقوم الكونية في الإسلام على مبادئ ووسائل وأدوات .

  المبادئ :                                       

أ-  مبادئ موجبة                                                                                                           

   *الإقرار بحرية المعتقد وأداء الشعائر الدينية وقد درب القرآن الكريم المسلمين على تلقى مخالفات المخالفين في العقيدة بنفس مطمئنة وصدر رحب.

 *العدل والقسط بين جميع الناس في حالة السلم والحرب .

* الدعوة إلي التعاون الإنساني والنهي عن كل مظاهر العدوان والعنصرية.

 *مراعاة المصالح الإنسانية الفردية والجماعية

   ب -  مبادئ سالبة :

 الاستعلاء والتسلط والاعتداء والظلم والعنصرية و الإكراه كل هذه المبادئ السالبة عائق أمام الوصول إلي الكونية والعالمية  

 الوسائل والأدوات لتحقيق الكونية :

*الدعوة إلي إصلاح الفكر فهو السبيل الأمثل لسلامة الاعتقاد ويكون هذا الإصلاح  عن طريق الحوار والمرونة و المجادلة بالحسنى استنادا إلى الحجة و البرهان العقلاني للوصول إلي نقاط اتفاق .

*النظرة الشمولية للكون لتحقيق الصالح  العام ، الخير للبشرية .

* الدفاع عن حقوق وكرامة الإنسان .

* الحفاظ على الأمن والاستقرار .

*الحفاظ على البيئة .

التسامح ولتحقيقه لا بد من الالتزام بمكارم الأخلاق و إصلاح التفكير واحترام الذات البشرية

 تجليات الكونية في التاريخ الإسلامي :

توجد عدة شواهد وأحداث في التاريخ الإسلامي قديما وحديثا يتجلى فيها بوضوح معني الكونية فقد تعاقد الرسول صلى الله عليه وسلم ووقع أحلافا للتعايش السلمي مع المخالفين من غير المسلمين كما آخى بين المهاجرين و الأنصار والأوس و الخزرج كما أكد صلى الله عليه سلم على حسن التواصل والتعامل مع أهل الذمة ولفظ الذمة معناه ذمة الله وعهده ورعايته.

كما تتجلى الكونية في التاريخ الإسلامي في التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع الإسلامي – فرق كلامية مختلفةديانات مختلفة احترام الملكية الفردية لكل مكونات المجتمعاحترام أماكن العبادة لكل الديانات – و لنا في قصة الخليفة الوليد بن  اليزيد في حق أهل قبرص خير مثال على عدم رضا وقبول خاصة وعامة المسلمين  بنقض العهود أوعدم الوفاء بها . كما لنا في تونس في قصة مراد باي المرادى مع زوجته المسيحية خير مثال على حسن تعامل المسلمين مع المسيحيين

  متطلبات الكونية :

عالمنا المعاصر عالم متغير و المرحلة التي نمر بها تتطلب سلوكا مختلفا عن سلوك الآباء والأجداد و ذلك لحصول متغيرات لم تتوفر للقدامى – ثورة علمية وتكنولوجية – ثورة في مجال الاتصال و الإعلام والمعلومات- والتي ساهمت في إخراج ممارسات الإنسان و أفكاره وتوجهاته من محيطها الضيق إلي فضاء أرحب وأوسع 

لقد اجتاحت العولمة كل أرجاء المعمورة  فأصبحنا اليوم نشهد تبلور ثقافة عالمية جديدة لم تتضح معالمها بعد فالمسلمون اليوم مدعوون إلي الوعي هذه المتغرا ت   و المساهمة الفاعلة لبلورتها مستثمرين مخزوننا التراثي العربي الإسلامي الزاخر بالمبادئ و القيم .

أصبح اليوم من الضروري كما أكد ذلك برهان غليون تطوير الثقافات المحلية الوطنية  كآلية لمواجهة السيطرة الثقافية التي أفرزتها العولمة و من الوسائل المجدية للدفاع عن الهوية الثقافية الوطنية كسر حدة الانبهار بالغرب ومقاومة قوة جذبه .

ليست العولمة هي المنشئة لسيطرة  ثقافة على  ثقافة أخرى ولا سبب الانغلاق على الذات ورفض الآخر بل هي منشئة لنمط جديد من السيطرة الثقافية عبر تحديد أساليب طرح المشكلات .

وأخيرا الكونية في المنظور الإسلامي تختلف عن العولمة كما ينظر لها البعض و التي تلغى الخصوصية الثقافية فنحن مدعوون اليوم إلي تحقيق التوازن بين الكونية الخصوصية .

لم تكن من مقاصد الإسلام فرض إيديولوجية عالمية إقصائية بل أقر النص القرآني في الآيات القصص 83 ويونس99 وهود 118- 119 – مشروعية الاختلاف والتنوع .قال تعالى : ( و لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) يونس  99  قال تعالى : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين ) 83 القصص  قال تعالى : ( و لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة و لا يزالون مختلفين  - 118 - إلا من رحم ربك و لذلك خلقهم وتمت كلمة من ربك لأملأن جهنممن الجِنَّة و الناس أجمعين - 119 - ) هود
 

الكونية في المنظور الإسلامي اضغط على الرابط للطبعالكونية في المنظور الإسلامي اضغط على الرابط للطبعأنقر هنا