Créer un site internet

Education

التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب

Education

تحليل نص في الزمن و الإبداع

 

كتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آدابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابكتاب التفكير الإسلامي للسنة الرابعة آداب اضغط على الرابط لتصفح الكتابأنقر هنا

الموضوع : تحليل نص

 

النص : المفكر الجزائري مالك بن نبي، رحمه الله، (1905- 1973م)، له معادلة شهيرة في مكوّنات "الحضارة"، وهي برأيه ثلاثة مكوّناتالإنسان+ التراب (أي المادة)+ الوقت. وهذه المكونات الثلاثة تحتاج لِمَزْج عناصرها وإحداث التفاعل بينها، إلى ما يسميه بن نبي: "مركِّب الحضارة". ويتمثل هذا "المركِّب" في "الدين".فالدين يصنع من أطراف هذه المعادلة المفردة كيانًا واحدًا ذا فاعلية وحيوية، كما يجتمع الهيدروجين والأكسجين في معادلةٍ، فيتكون منهما ("الماء") بفعل القانون الكيميائي ("المركِّب الحضاري")، كما فصَّل ذلك في كتابه المعروف (شروط النهضة ) وأحب أن أضيف أن ("الوقت") هنا يشمل معنيين: المعنى الأول: وهو الشائع، أي إدراك أهمية الوقت في حياة الأفراد والمجتمعات؛ فلا يُصرف في اللهو واللعب وتوافه الأمور. أما المعنى الثاني: فهو إدراك أن إنجاز معادلة التغيير الحضاري يحتاج لوقت وصبر وتؤدة، وأن العجلة في إنجاز المراحل تؤدي إلى إفقادها الفاعليةَ المطلوبة، بل قد تؤدي إلى عكس المراد. لقد لفت الإسلام إلى أهمية الزمن، في مواضع كثيرة من القرآن الكريم والسنة النبوية، ودعا إلى ضرورة العناية به والإفادة منه، وحذَّر من الغفلة عنه أو مِن تركه يتسرب من بين يدي الإنسان دون أن يملأه بعمل صالح، أو بأثر باقٍ يعود بالنفع عليه وعلى الآخرين.. ومما يدل على هذه المكانة للزمن في القرآن الكريم: القسمُ بالزمن، لأن القسم بالشيء يدل على أهميته ومكانته.. وذلك في مثل قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ)، (وَالْعَصْرِ)، (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى). إننا يجب أن ندرك موقع "الزمن" من المعادلة الحضارية، بل ومن معادلة الحياة برمتها.. فلا يمكن للإنسان أن يكون ذا إبداع أو أثر حضاري فاعل بينما هو يدع "الزمن" يتفلَّت من بين يديه! ولن يحصد الإنسان في الآخرة جزاءً يسعده إذا فرط في زمانه في الدنيا! الزمن" جزء من المعادلة الحضارية.. علينا أن ندرك أهميته على مستوى الفرد والأمة.. حتى نتحقق بالخطوة التالية، وهي أن نسعى نجد لأن نملأه بكل خير مفيد نافع لنا ولغيرنا، في حياتنا وبعد مماتنا.   

                                    محمد السنوسي  الزمن في معادلة الحضارة

حلّل النص تحليلا مسترسلا مستعينا بالأسئلة التالية:

السؤال 1: ما أثر مركّب الحضارة ( الدين ) في مكوّنات الحضارة ( الإنسان و التراب و الوقت ) حسب مالك بن نبي؟

السؤال2: هل يلغي الزمن الأخروي الفعل في الزمن الدنيوي أو ينميه و يوجه في النظرة القرآنية؟

السؤال 3: ما علاقة وعي الزمن بالإبداع الحضاري؟

الإصلاح :                                                                                                                                   

المقدمة :

على الرغم من أن كل مجتمع إنساني يمتلك حضارة معينة تختلف عن الحضارات الأخرى؛ إلاَّ أنَّ هناك جوانب تتشابه بها جميع الحضارات فعلى سبيل المثال لكل حضارة دين معين ينظم حياة أفرادها، وكذلك لكل حضارة أسرة تعد نواة لمجتمعها تنظم حياته الاجتماعية والتربوية والاقتصادية ، كما لا يمكن الحديث عن حضارة  دون الحديث عن الفعل الإنساني في فترة زمنية معينة و على رقعة جغرافية  قامت عليها هذه الحضارة و في هذا النص  لمحمد السنوسي المقتطف من مقالة له بعنوان ( الزمن في معادلة الحضارة ) يشرح فيه طرح المفكر الجزائري مالك بن نبي لمشكلة الحضارة ثم يردف هذا الطرح ببيان النظرة القرآنية للزمن و للفعل و الإبداع الإنساني. و هذا كلّه يدفعنا إلى التساؤل عن أثر مركّب الحضارة الدين في مكوّنات اللحضارة الإنسان و التراب و الوقت ثم هل يلغي الزمن الأخروي الفعل في الزمن الدنيوي أو ينميه و يوجهه في النظرة القرآنية ؟ و ما علاقة وعي  المسلم بالزمن بلإبداع الحضاري؟

التحليل:

العنصر الأوّل:   

يرى المفكر الجزائري مالك بن نبي أن مشكلة الحضارة تنحل إلى ثلاث مشكلات أولية و هي مشملة الإنسان و مشكلة التراب و مشكلة الوقت  لقيام أية حضارة لا بد بأن تحلّ هذه المشكلات الثلاثة من أساسها  و الدين الذي أطلق عليه مالك بن نبي تسمية ( مركب الحضارة) هو الكفيل بإصلاح الإنسان ليحسن التعامل مع التراب و يحسن استثمار الوقت و صدق الله العظيم القائل (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ) يرى “مالك بن نبي في كتابه  حديث في البناء الجديد صفحة 50 ” أنه ( ذا تحرك الإنسان تحرك المجتمع والتاريخ، وإذا سكن سكن المجتمع والتاريخ) و من مقولات مالك بن نبي المشهورة: ( غير نفسك تغيير التاريخ) فالإنسان المسلم هو أساس كل تغيير منشود في المجتمعات العربية الإسلامية فالمسلم عليه التحلي بالقيم الإنسانية و في مقدمتها العمل و العلم و حسن استغلال الوقت فهو كالسيف إن لم يتغلب عليه الإنسان غلبه و هو كما يقول مالك بن نبي (في مجال ما يصير ثروة و في مجال آخر يتحوّل إلى عدم ) إن الوقت كقطعه الحديد -على سبيل المثال- قطعة الحديد هي حديد هي قطعة، لكن تزداد قيمة هذه القطعة الحديدية بمقدار استغلالها أو الاستفادة منها فأنت تستطيع أن تصنع من الحديد مسماراً و تستطيع أن تصنع دبوساً و تستطيع أن تصنع طائرة، فأنت كلما أحسنت استخدام واستثمار هذا الوقت كلما زادت قيمته. و على هذا الأساس فإن الحضارة لا يمكن استيرادها من بلد إلى آخر رغم استيراد كل منتاجاتها و مصنوعاتها و ذلك لسبب بسيط ألا وهو أن الحضارة إبداع و ليست تقليدا و لا محاذاة و لا تبعية و لا انبتات و لا استيلاب كما يرى البعض.بفضل الوحي المحمدي يمكن  تغيير المسلم ليبدع بالتفاعل مع التراب و الوقت فالدين يجعل من هذا الثالوث واحد و قد شبهه مالك بن نبي باجتماع ( الهيدروجين والأكسجين في معادلةٍ، فيتكون منهما ("الماء") بفعل القانون الكيميائي ) و هذا التغيير المنشود لن يحدث بين عشية و ضحاها بل لا بد من وقت و تخطيط و عمل و تضحية و صبر أما التسرع فلن تكون له إلا نتائج عكسية: (إنجاز معادلة التغيير الحضاري يحتاج لوقت وصبر وتؤدة، وأن العجلة في إنجاز المراحل تؤدي إلى إفقادها الفاعليةَ المطلوبة)

العنصر الثاني:

في نظرية الاستخلاف  خلق الإنسان للخليفة لتعمير الأرض بالعمل الصالح و مجانبة الفساد و عمر الإنسان قصير و عليه استثمار الزمن  للفعل الحضاري الذي هو الغاية من خلق الإنسان و الذي عبر عنه المصطلح القرآني بالعبادة و صدق الله العظيم القائل: ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) أما الآخرة و الزمن الأخروي في النظرة القرآنية فهو جزاء على حسن آداء وظيفة الاستخلاف التي لن تتم إلا بحسن استغلال الزمن الدنيوي لذلك أقسم الله في الكثير من آيات القرآن الكريم بأجزاء و مكونات الزمن  (وَالْفَجْرِ)، (وَالْعَصْرِ)، (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)إضافة إلى هذا في القرآن الكريم إشارات لطيفة إلى قيمة الزمن وأهميته في حياة الإنسان، وحضٌّ على الاستفادة منه بعيداً عن الغفلة والتسويف، وما كلمات "استبقوا" و "سارعوا" ونحوها إلا تأكيد لهذه المعاني.قال تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ علَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وأصل السبق: هو التقدم في السير. والمراد منه هنا المعنى المجازي، وهو الحرص على مصادفة الخير والإكثار منه.
وقال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) والمسارعة: هي المبادرة؛ أي الحرص والمنافسة في عمل الطاعات التي هي سبب المغفرة ودخول الجنّة، و الفوز بالزمن الأخروي بفضل حسن استثمار الزمن الدنيوي لما يعود على الفرد و المجتمع الإنساني و الكون بالفائدة . الوقت هو الحياة وهو العمر الحقيقي للإنسان فهو إن ضاع لم يتعلق بعودته أمل، ولذلك كان الوقت أنفس ما يملكه إنسان، إن المسلم الحق يغالى بالوقت مغالاة شديدة، لأن الوقت عمره الزمن هو أنفس وأثمن ما يملك الإنسان، فهو الوعاء الحقيقي لكل عمل وإنتاج و هو سر النجاح في الدنيا و الآخرة و هذا ما جعل الكاتب يقول في آخر النص:( نسعى نجد لأن نملأه- الزمن - بكل خير مفيد نافع لنا ولغيرنا، في حياتنا وبعد مماتنا ) و هذه المقولة تدفعنا إلى التساؤل عن علاقة الزمن بالإبداع الحضاري؟

العنصر الثالث :

الوقت هو عامل من عوامل الرقي الحضاري فالمجتمعات التي تحرص على  حسن استغلال و تنظيم  وقتها هي المجتمعات الأقدر على الإبداع الحضاري  إن الشعب الذي يعرف كيف يستغل وقته في طلب العلوم و العمل المتقن  سيبدع في كل المجالات لأن الشكل الأساسي للنشاط الإنساني هو العمل و فيه تبرز إبداعات الانسان    و ابتكاراته و مواهبه و في العمل يجد الإنسان سعادته و كرامته و كل إنسان قادر على الإبداع من موقعه الخاص  و الإنسان كما ورد في السند لا يمكن أن (  يكون ذا إبداع أو أثر حضاري فاعل بينما هو يدع "الزمن" يتفلَّت من بين يديه )إن الإبداع يأبى الجمود و لا يقف عند حد لذلك وجب استثمار الزمن ليلا و نهارا و هذا ما فهمه الصحابة و في مقدمتهم عمر بن الخطاب حين قال لمعاوية بن خديج : ( لئن نمت النهار لأضيعن الرعية و لئن نمت الليل لأضيعن نفسي فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية) إن حسن تصرف المسلم في الزمن يبرز حسن تمثله لخلافة الله تعالى في الأرض إن الإنسان باستغلال الزمن تحصل له المكاسب و المنافع و يصل إلى تكوين تركيبات و تنظيمات جديدة و غير مألوفة تسهم في عمارة الأرض و ترقية الحياة . الإنسان أهم عنصر في معادلة الحضارة و البعث الحضاري المنشود في المجتمعات الإسلامية يتطلب التغير النفسي للمسلم المعاصر بجعله يقدس الوقت و يتقن العمل للوصول إلى الإبداع و اكتشاف كل جديد يخدم مصالح الإنسان و الإنسانية و الإبداع لا يقف عند حد لذا وجب  استغلال كل ثانية في حياتنا للاستزادة من الإنتاج الأصيل و الخاص ذا القيمة و المنفعة الاجتماعية.الوقت رأس مال الأفراد و المجتمعات  و المحافظة عليه عبادة بالنسبة للمسلم المتشبع بالتعاليم القرآنية لذلك استطاع المسلمون الأوائل تكوين حضارة استطاعت الامتداد من الخليج  إلى المحيط و قد برزت إبداعات المسلمين في مختلف العلوم من رياضيات و فيزياء و كيمياء و طب و صيدلة إن تنظيم الوقت من سمات الشخص الناجح ومن اجل إن يتطور المجتمع عليه بالمعرفة الكافية للوقت وأهميته وسوف نرى انه لا يعرف قيمة الوقت إلا الشخص الناجح في حياته، ومن خلال مقولة “الوقت من ذهب. إن المجتمعات المتأخّرة و التي تتّسم بالعشوائيّة في كلّ شيء فإن عدم احترام الوقت هو سبب رئيسي من أسباب تأخرها الحضاري. هدر الوقت وضياعه   أصبح أمرا مألوفا، لم يعد شيئا مقلقا لفئة عريضة من المجتمع. ربما لان الانسان لا يعرف قيمة الوقت ولا أهميته، وربما لان الانسان لا يعرف ثقافة استغلال الوقت فيما يفي.

الخاتمة:                                                                                                                             

  و خلاصة القول فإن  كل الحضارات التي قامت على سطلح الأرض  كان وراءها الإنسان الذي أحسن التعامل مع الوقت و مع التراب كذلك كان وراءها الإنسان الذي تحلى بالمبادئ و القيم و الضوابط و الحدود و القانون. فما مساهمة التشريع الإسلامي في  في الحضارة الحربية الإسلامية؟ و ما دور التشريع الإسلامي في تحفيز الإبداع و ترشيده خدمة لللإنسان و الإنسانية و الكون؟ و ما دور التشريع الإسلامية في حماية المبدع  و إبداعاته؟

 

اضغط على الرابط للتنزيل و الطبعتحليل نص  في الزمن و الإبداع الحضاريتحليل نص في الزمن و الإبداع الحضاريأنقر هنا

 

 

 

×